ديون اليورو تنذر بكارثة مالية جديدة بنسبة 5.3 في المائة هذا العام

TT

تجددت يوم أمس مخاوف أسواق الأسهم العالمية من أزمة الديون السيادية في أوروبا، مما أدى إلى انخفاض قيمة أسهم مصارف فرنسية ومؤسسات مالية موجودة في بلدان أوروبية أخرى عرضة لعجز مشابه لما حدث في اليونان. فقد هبط مؤشر فوتسي 100 في بريطانيا بمقدار 2.9 في المائة ومؤشر يورو ستوكس50، الخاص بأسهم الشركات الكبرى في منطقة اليورو، بمقدار 4.7 في المائة. كما انخفض مؤشر داكس في ألمانيا بأكثر من 4 في المائة، وأنخفض مؤشر كاك 40 في فرنسا بنسبة 5 في المائة، في وقت مبكر من بعد ظهر اليوم، على الرغم من الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة الفرنسية وبنك سوسيتيه جنرال، الذي يعد واحدا من أكثر البنوك تضررا، لتهدئة الأوضاع.

كما انخفضت قيمة الأسهم في وول ستريت عند فتح الأسواق المالية، حيث انخفضت عقود داو جونز الآجلة بمقدار 2 في المائة، في حين انخفضت عقود ستاندرد أند بورز500 الآجلة بمقدار 2.3 في المائة. كما تراجعت الأسواق الآسيوية أيضا، حيث انخفض مؤشر نيكاي 225 بنسبة 2.3 في المائة، وهبط مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 4.2 في المائة. كما استمر اليورو في الانخفاض سريعا مقابل الدولار، حيث انخفضت قيمته من 1,41 دولار إلى أقل من 1,35 دولار فقط خلال الأسبوع الماضي. ومثل هذه التقلبات السريعة في قيمة العملات تثير القلق، لأنها تجعل من الصعب على الشركات حساب التكاليف وإعادة تسعير السلع والخدمات بالسرعة الكافية.

ولا يكاد المصدرون، خاصة في الولايات المتحدة، أن يتحملوا رؤية قيمة الدولار ترتفع بسرعة، في وقت يتعرض فيه الاقتصاد الأميركي إلى خطر الانزلاق في ركود. وقد أعلن كارل واينبرغ، كبير الاقتصاديين في شركة «هاي فريكونسي إكونومكس» في فالهالا بنيويورك، عند مراجعته لأحداث الأسبوع أن وضع الأسواق المالية «غير مستقر». وأضاف قائلا: «لا ندري ما الذي يجب أن يتم فعلة لتحسين الأوضاع هذا الأسبوع، لأننا لم نر شيئا مثل هذا من قبل».

وقد اتخذت المخاوف بشأن صحة البنوك الأوروبية أبعادا ضخمة في الأسابيع الأخيرة، وساهمت في التقلب الكبير الحادث في أسواق الأسهم حول العالم. وقد أصبح المستثمرون متشككين بشكل متزايد في أن الجهود الأوروبية الرامية إلى احتواء الأزمة التي بدأت في اليونان لن تؤتي أثرها. وقد حذر وزير المالية اليوناني ايفانجيلوس فينيزيلوس في مطلع الأسبوع من أن الاقتصاد اليوناني من المرجح أن ينكمش - وهو انكماش حاد يزيد عن التوقعات السابقة للانكماش التي بلغت 3.8 في المائة. وهذا من شأنه أن يجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لليونان، والتي كانت في وسط أزمة الديون بالقارة، لدفع ديونها.

وقد انخفض سعر سهم كل من بنك سوسيتيه جنرال وبنك بي إن بي باريبا، واللذان يعتبران بنكين فرنسيين عالميين وكبيرين ولا يمكن تركهما ينهاران، بنحو 12 في المائة، في بداية التعاملات يوم أمس، حيث ترقب المستثمرون حدوث انخفاض محتمل للتصنيف الائتماني لهما. وقد حذرت وكالة موديز لخدمات المستثمرين مؤخرا من تعرضهما لمخاطر الديون السيادية اليونانية.

وعلى الرغم من أن أي انخفاض في التصنيف الائتماني من المتوقع أن يكون صغيرا، فإنه من المرجح أن ينشر المزيد من الاضطراب في الأسواق المالية، تماما مثلما أدى خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من جانب ستاندرد أند بورز بدرجة واحدة إلى إثارة تقلبات أكبر بكثير مما كان متوقعا.

وقد حاول بنك سوسيتيه جنرال، يوم أمس، تفادي المتاعب ببيان قبل فتح الأسواق المالية، قائلا إنه يحوز عددا قليلا نسبيا من السندات الحكومية المتعثرة اليونانية والآيرلندية والإيطالية والبرتغالية والإسبانية.

وقال البنك إنه سيزيد من الجهود الرامية إلى خفض التكاليف وتعزيز ميزانيته العمومية، وإنه خطط لتحرير رأس مال قدره 4 مليارات يورو، أو 5.4 مليار دولار، بحلول عام 2013، من خلال بيع مجموعة من الأصول.

كما سعى أيضا محافظ البنك المركزي الفرنسي، كريستيان نوير، لإخماد النيران يوم أمس. حيث ألقى بيانا قال فيه: «بغض النظر عن السيناريوهات اليونانية المحتملة، والتدابير التي يجب اتخاذها، فإن البنوك الفرنسية تملك الوسائل اللازمة لمواجهتها». ولكن لم يفلح ذلك سوى في تهدئة القليل من المخاوف. فقد انخفضت قيمة الأسهم إلى 15 يورو يوم أمس بدلا من 40 يورو في مطلع يوليو (تموز)، وهو انخفاض له أهميته من الناحية النفسية. وقد تساءل مستثمرون عن سبب الانخفاض الكبير في قيمة الأسهم إذا كانت أوضاع البنك سليمة كما يقول المسؤولون التنفيذيون للبنك والحكومة الفرنسية.

وتمتلك أكبر المصارف في أوروبا، وخاصة في فرنسا، سندات يونانية بمليارات من اليورو، ويخشى المستثمرون من أن يؤدي حدوث عجز جزئي إلى انخفاض حاد في قيمة تلك الأصول، وتأكل مكانة رأسمالية تعتبر ضعيفة.

وقد جاء الانخفاض الأخير في أسواق العملات والأسهم نتيجة لاستقالة يورغن ستارك، المسؤول البارز في البنك الألماني المركزي الأوروبي، يوم الجمعة الماضي، مما سلط الضوء على الخلاف على السياسات داخل البنك المركزي الأوروبي. وفي الوقت نفسه، لم يفعل الخطاب المنتظر للرئيس باراك أوباما، حول برنامج للوظائف، شيئا يذكر لتبديد المخاوف العالمية بشأن احتمالات نمو الاقتصاد الأميركي. وهبط متوسط داو جونز الصناعي ومؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 2.7 في المائة يوم الجمعة.

وأظهرت بيانات نشرت يوم أمس أن الصين لا تزال واحدة من أكثر محركات النمو في العالم، وإن كانت وتيرة النمو قد أصبحت معتدلة. وقد زادت صادرات الصين، في أغسطس (آب) الماضي، بمقدار 24.5 في المائة عن العام السابق وارتفعت الواردات بنسبة 30.2 في المائة. وقدمت البنوك المحلية ما يقرب من 580 مليار رنمينبي، أو 90.8 مليار دولار، في شكل قروض خلال الشهر نفسه، وهو ما فاق توقعات المحللين.

* خدمة «نيويورك تايمز»