إلى الرئيس الأسد

TT

أعلنت الحكومة الروسية، يوم الاثنين، أن السيدة بثينة شعبان نجحت في إقناع الكرملين بوجهة نظر حكومتكم. وتفسير ذلك عمليا أن سوريا تحتفظ بأصدقائها القدامى في مجلس الأمن، وأن الذين أقاموا «جمعة الحماية الدولية» لم يقرأوا التوازنات الدولية جيدا. بل يعني خصوصا أن سوريا ليست ليبيا ولا تونس. وكان صاحب هذه السطور قد كتب مرة أن سوريا حالة لا دولة، لما فيها من امتدادات وانعكاسات تاريخية وجغرافية.

لكن، سيادة الرئيس، ذلك كله لم يعد مهما الآن. لم تعد القضية عند خصومك في الأمم المتحدة وواشنطن وأوروبا ولا عند أصدقائك في موسكو وبكين والبرازيل. ولا عادت المسألة أن أرقام الضحايا هي ما تقوله السيدة شعبان أو ما يقوله السيد بان كي مون. أو أن نصف الضحايا عسكريون، ما داموا جميعا سوريين وبشرا ولهم آباء وأبناء وأمهات.

القضية، أولا وأخيرا، في دمشق. كيفما انتهى الصراع، الذي ما زلت آمل أن ينتهي في مصالحة ومشاركة حقيقية وعميقة، والقضية أن تحمي سوريا مستقبلها، لا أن تكون قادرة على تهديد مستقبل سواها، وأن تكون قوتها البناءة والمنتجة والمطورة، في قلب سوريا، وليس في نفوذ لبنان أو العراق أو فلسطين. لقد رأيت ماذا حدث في بيروت بعد مغادرة الجيش السوري، ورأيت كيف انكفأت حماس إلى غزة وكيف خرجت بعض المخيمات في دمشق عليك وكيف يطالب بعض زعماء العراق بعدم انسحاب القوات الأميركية، ورأيت بأي سرعة فض الصداقة الكبرى معك رئيس فرنسا وزعيم تركيا وأمير قطر، الذين كانوا يتولون إعادة سوريا إلى أوروبا، التي أعلن الدكتور وليد المعلم أنها لم تعد على الخريطة، كما أعلن أن الجامعة العربية لم تكن.

هذا كله لا يحمي سوريا. كانت سوريا التي ورثتها تأمل في أن تتغير معك. في أن تفيد من شبابك ومن انفتاحك ومن معرفتك بما وصل إليه العالم الخارجي. وكانت تأمل أن تحبها الناس لا أن تهابها، وأن تندفع إليها لا أن تحذرها. وكان السوريون يعتزون بأن يبقى بلدهم قلب العروبة النابض وأن تنبض في هذا القلب مشاعر الاعتزاز بالحرية والكفاية والطمأنينة والسكينة وطرد مشاعر الخوف الدائم.

أرادت سوريا أن تحبك. لا باللافتات سيئة الخطوط ولا بالمظاهرات، بل بصدق وصمت داخل البيوت والقلوب. سيادة الرئيس.. استدع الدبابات وادع السوريين.. بكل صدق وحرص.