اليوم الوطني السعودي.. كتب تناولت توحيد المملكة

TT

كتب الكثير عن تأسيس المملكة العربية السعودية، وعن جهود مؤسسها (الملك عبد العزيز) الذي قاد حملة توحيدها، منذ أن بدأها بدخول الرياض عام 1902م، وحتى حقق الوحدة عام 1932م، وما زال هناك الكثير أيضا مما يمكن تدوينه عن تلك المرحلة ورموزها؛ حيث تقصر الجهود المؤسساتية والفردية عن تحقيقه بشكل موضوعي وشمولي مُرضٍ.

اللافت للنظر عند استعراض أبرز الكتب التي تناولت بالتحليل تاريخ بناء هذه الوحدة – المذهلة مقارنة بظروفها وأوضاعها – أن معظمها قد قدمته أقلام غير محلية، ربما لتحررها من ثقافة المجاملة، ولخبرتها في تدوين الأحداث وتحليلها وتفسير أسبابها.

وسيتطرق هذا المقال، البسيط في فكرته، الصعب في انتقاء أمثلته، الذي يكتب بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الـ79.. سيتطرق – من منظور شخصي – إلى أبرز الكتب التي وثقت بموضوعية تجاوزت هذه المجاملة، وبنسبة جيدة من التدوين التاريخي التحليلي – غير السردي – للأحداث، يدخل في ذلك بعض ما كتب عن سيرة المؤسس الراحل، أو عن مراحل التأسيس وما أحاط بها من ظروف سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، إلا أن هذا الاجتهاد الشخصي في اختيار الكتب لا يصل إلى حد الجرأة على ترتيبها من حيث الأهمية والشمول، فاكتفى بترتيبها وفق تواريخ الصدور، كما أن اختيارها لا يعني بالضرورة عدم تزكية غيرها، أو قبول كل ما احتوته من أفكار؛ إذ إنها قراءات قام بها مؤلفوها، وبخاصة ممن عاصر الأحداث، وفق رؤيتهم وقناعتهم، وقد استبعد هذا المقال الأطروحات والفهارس والوثائق، كما استثنى كتب الملاحم الشعرية التي تطرق إليها مقال سابق («الشرق الأوسط» 2008 / 9 / 22)، على الرغم من أنها رصدت توحيد المملكة بالتفصيل المنظوم شعرا. فمن هذه الكتب الجيدة:

الكتاب الأول: «تاريخ نجد الحديث» لأمين الريحاني (1928م)، والريحاني أديب وشاعر وسياسي مهجري لبناني توفي إثر حادث (عام 1940م)، وقد تميز في كتاباته المتنوعة التي شملت معظم بلدان المشرق العربي، بأنه نقل مباشرة عن الملك عبد العزيز في روايته لتاريخ المملكة، وكان قد ناظر وحاضر في الشأن العربي في أميركا وأوروبا، وللريحاني - في موضوع هذا المقال – كتاب آخر مقارب هو: «ملوك العرب» الصادر عام 1924م، وهو كتاب ظهر في أكثر من 12 طبعة وترجم إلى أكثر من 16 لغة.

الكتاب الثاني: «سيد الجزيرة العربية» لمؤلفه هارولد سي آرمسترونغ (Harold C. Armstrong)، صدر عام 1933م بالإنجليزية وترجمه يوسف نور عوض 1991م (250 صفحة)، الكتاب يعتمد على ما سبقه من مؤلفات، وبخاصة كتب فيلبي والريحاني، لكنه وفق في الترجمة العربية التي ظهرت بأسلوب جاذب للقراءة (توفي عام 1943م).

الكتاب الثالث: «البلاد العربية السعودية» (1936م) لفؤاد حمزة، وهو شخصية درزية لبنانية مرموقة، عمل عام 1926م مترجما ومستشارا سياسيا للملك عبد العزيز، وتميزت كتبه بتركيزها على السكان وعلى الأحوال الاجتماعية، حتى إنه تطرق في بعضها إلى الشعر النبطي في الجزيرة العربية، وقد شارك فؤاد حمزة بفاعلية خلال ربع قرن في الدبلوماسية السعودية؛ حيث عمل وكيلا لوزارة الخارجية مع وزيرها الأمير فيصل، وتوفي على رأس عمله سفيرا للسعودية في لبنان (1952م)، وكان قد ألف كتابا آخر فيما يخص موضوع المقال هو: «قلب جزيرة العرب» (1933م).

الكتاب الرابع: «الذكرى العربية» (Arabian Jubilee) لمؤلفه السياسي والمستشرق البريطاني فيلبي Philby (المتوفى عام 1960م في بيروت) كتبه في أواخر إقامته المتقطعة في السعودية التي دامت نحو 35 عاما، ورصد فيه مراحل تأسيس المملكة، وأصدره بمناسبة الذكرى الذهبية (مرور 50 عاما على استعادة الرياض)، وقد ترجمه إلى العربية مصطفى كمال فايد (القاهرة 1953م).

الكتاب الخامس: «خمسون عاما في جزيرة العرب» لحافظ وهبة (1960م)، وهو شخصية تربوية سياسية مصرية، نزح إلى البحرين والكويت، ثم صار ضمن مستشاري الملك عبد العزيز، أشركه في الجهود المبكرة لتنظيم أمور الدولة، وعينه عام 1930م وزيرا مفوضا لدى بريطانيا، توفي في روما عام 1967م، وتوجد إشارات في بعض الكتابات إلى أنه من اقترح شكل العلم السعودي، وكان قد ألف في موضوع هذا المقال كتابا آخر بعنوان: «جزيرة العرب في القرن العشرين» (1961م).

الكتاب السادس: «شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز» لخير الدين الزركلي، صدر عام 1964م، وكان في الأساس بحوثا لمؤلفين عدة، أريد له أن يصدر بمناسبة الذكرى الخمسينية لبدء تأسيس المملكة، ثم تفرغ له الزركلي ليظهره – 4 أجزاء في مجلدين من 1500 صفحة – في عهد الملك فيصل، الذي اقترح عليه اختصاره، فأصدر «الوجيز في تاريخ الملك عبد العزيز»، في جزء واحد، الكتاب مرجع متعدد المفردات، كثير الاقتباسات، انفرد بالكثير من الصور والمعلومات، لكنه يفتقر إلى حسن التنظيم، والمعروف أن الزركلي – وهو صاحب «موسوعة الأعلام» ذات الأجزاء الثمانية – شاعر وناشط سوري، تقرب من الملك الهاشمي في الحجاز (الحسين بن علي)، ثم حسن ولاؤه للحكم السعودي، ونظم في مديح الملك عبد العزيز مطولات شعرية قوية، توفي عام 1976م في مصر.

الكتاب السابع: «سيرة بطل ومولد مملكة» (1965م)، وقد ترجمه عبد الفتاح ياسين إلى العربية، ومؤلفه بنوا ميشان (J. Benoist Mechin)، وهو صحافي وكاتب فرنسي، ألف كتبا عدة عن أوروبا، كما كتب في سيرة الملك عبد العزيز وسيرة نجليه الملكين سعود وفيصل، وتوفي عام 1983م.

الكتاب الثامن: «المملكة» لروبرت ليسي (Robert Lacy)، صدر بالإنجليزية عام 1981م، وبالعربية سنة 1987م، من ترجمة دهام العطاونة، والمعروف أن المؤلف مؤرخ وصحافي وكاتب سيرة بريطاني معاصر، ألف عن سيرة ملكة بريطانيا الحالية، ويتحدث كتاب المملكة عن نشأة السعودية وحاضرها، وطبع في لغات عدة، وعلى الرغم من أن مؤلفه عاش عامين في السعودية من أجل تأليفه، فإنه مارس استقلالية ظاهرة في كتابته.

الكتاب التاسع: «تاريخ العربية السعودية» (1982م) طُبع في روسيا للباحث والمفكر الروسي المعاصر أليكسي فاسيلييف (Alexei Vassiliev) المولود عام 1939م. وقد ترجمه إلى العربية خير الضامن وجلال الماشطة (1986م)، ومن مزايا هذا الكتاب الموسع الذي يقع في 780 صفحة أنه مارس قدرا كبيرا من الحيادية، واعتمد على مصادر واسعة بلغات متعددة من مختلف العصور والدول، كما استفاد من كتابات الرحالة الأجانب الذين زاروا الجزيرة العربية في القرنين الـ18 والـ19، وقد استعرض في مقدمته الطويلة مجمل الكتابات المحلية والعربية والأجنبية التي تناولت تاريخ نشأة السعودية وتوحيدها. الكتاب العاشر: «توحيد المملكة العربية السعودية» لمحمد عبد الله المانع، وهو من مدينة جلاجل (بإقليم سدير) وقد عاش ودرس في الهند والزبير التي ولد فيها، ولعله كان أول مترجم سعودي، التحق بالديوان الملكي عام 1926م ولمدة 10 أعوام، وعاصر تأسيس المملكة وشارك في أواسط مراحلها، ثم التحق بشركة الزيت «أرامكو»، واستقر في مدينة الخبر مؤسسا لمستشفى المانع المعروف. وتوفي عام 1987م.. الكتاب صدر بالإنجليزية عام 1982م، ثم ترجمه أستاذ التاريخ د. عبد الله العثيمين، ومن مزاياه أنه كتب للقارئ غير المحلي ورصد التاريخ برؤية شخصية عاصرت الأحداث، وكانت شاهدة على بعضها.

الكتاب الحادي عشر: «تاريخ المملكة العربية السعودية»، تأليف الدكتور عبد الله العثيمين (1997م)، ومن مزايا هذا الكتاب رصده لأعمال من سبقه من المؤرخين القدامى والمعاصرين، وكونه فصل في المراحل الثلاث للدولة السعودية، بدءا من عام 1157هـ (1745م)، كما أتى على وصف الحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في شبه الجزيرة العربية.

وأخيرا، هناك من الكتب الجديرة بالقراءة في موضوع هذا المقال، كتاب جلال كشك: «السعوديون والحل الإسلامي» (1981م)، وقد سار في تأليفه على نسق كتابي ليسي وفاسيلييف السابق ذكرهما.

وبعدُ.. هذه قراءة اجتهادية لما لعله – في تقديري – من أبرز المؤلفات التي تناولت بالتحليل توحيد المملكة العربية السعودية، وهي قراءة شاورت من أجلها زميلين أكثر مني تخصصا، هما: د. عبد الله العسكر ود. ناصر الجهيمي، مع التذكير مرة أخرى بأن عشرات من الكتب قد تطرقت بشكل جزئي إلى نشأة المملكة، من خلال تركيزها على تاريخ مؤسسها الراحل أو على قبائلها، وإماراتها، وصراعاتها الإقليمية، أو على الدعوة السلفية، أو على حركة الإخوان (التي اعتنقت في البداية الفكر المتشدد في الثلث الأول من القرن الميلادي الماضي)، ومن بين هذه المؤلفات كتب الرحالة وأخرى لمؤلفين أميركيين وإنجليز وألمان وتشيك ويابانيين وروس. وهناك قائمة أخرى من الكتب التي تناولت توحيد المملكة بالأسلوب السردي التقليدي، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، كتاب «تحفة المشتاق» لعبد الله بن محمد البسام، الذي ظل مخطوطا حتى طبع في الكويت عام 2000م، و«تاريخ ملوك آل سعود» للأمير سعود بن هذلول (1961م)، كما أن هناك عددا من الكتب التي لا تزال مخطوطة، ومنها كتاب محمد العلي العبيد، الذي نُشر جزء منه في الكويت، وتاريخ مقبل الذكير.

* باحث وإعلامي سعودي