كي لا ننسى.. اليمن

TT

ثمة ما يوحي بأن بعض السلطات العربية قد استجمعت أنفاسها وعاودت الانقضاض من جديد..

في الأيام الماضية التحق اليمن بركب الدول المصدرة للمشاهد والصور الدموية المرعبة جراء التصعيد الخطير الذي مارسته قوات الرئيس علي عبد الله صالح ضد المتظاهرين ضربا وقتلا وقنصا على نطاق واسع لم يسلم منه الأطفال. وحفلت المواقع الإلكترونية بصور مفجعة تضاهي في فظاعتها تلك التي تردنا ولا تزال من سوريا وليبيا..

مرت تسعة أشهر على الحراك الاحتجاجي اليمني السلمي، لكن زخم هذا الحراك وزخم الاهتمام به بهت خلال الأشهر القليلة الأخيرة، خصوصا بعد توجه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للعلاج في السعودية بحيث سقط الخبر اليمني من أولويات المتابعة لما يجري في الساحة العربية من مظاهرات، أو على الأقل لم يأخذ الاهتمام الذي يستحقه. وتساوى في إهمال اليمن الإعلاميون والسياسيون، مع العلم أن آلاف اليمنيين لم يملوا التظاهر والنزول إلى الساحات ومحاولة تحقيق حريتهم بشكل سلمي. انحصرت زاوية المتابعة للخبر اليمني في مدى الخطر الذي يمكن أن يشكله تنظيم القاعدة هناك وقياس مدى قوة الإخوان المسلمين في تحركات الشارع..

خلال الأشهر التي كان فيها الموقف في اليمن معلقا لم يدفع أي طرف دولي أو إقليمي باتجاه الخلاص من الطريق المسدود الحاصل، بل كان التجاهل ربما موقفا مثاليا لأصحابه وسط اشتعال ثورات وجبهات سياسية وأمنية أخرى تكفي وقائعها للانشغال عن كثير من القضايا الملحة فكيف إذا كان الأمر شأنا يمنيا..

الحوارات الدائرة اليوم بشكل محدود عبر الإعلام التقليدي وبشكل أكثر حدة وفاعلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي توحي بمدى المرارة والخيبة للمتظاهرين والناشطين اليمنيين من ضعف الانشغال بمحنتهم وتجربتهم التي تستحق الكثير من الإعجاب والدعم.

وهنا يطال اللوم الجميع..

لم يتم الالتفات كما يجب لما يجري في اليمن، فكانت النتيجة هذه الضربة الدموية الرهيبة التي مارستها قوات النظام خلال يومين في محاولة لاستعادة زمام الأمور والسيطرة من جديد، وسط إدراك هذا النظام لما يجري في الساحة العربية ومدى تقاطع المصالح الذي يمكن أن يجسده الرئيس علي عبد الله صالح لدى بعض القوى الإقليمية، والأهم مدى التغافل الحاصل عما يجري؛ وبالتالي سهولة تحقيق ضربة قاصمة ضد المتظاهرين.

تماما كما في سوريا وليبيا وتونس ومصر والبحرين، فإن اليمن يحتاج إلى دعم حقيقي سياسي وإعلامي والضغط بأن المسؤولين اليمنيين سيخضعون للمحاسبة لممارستهم هذا الكم من العنف ضد المتظاهرين وضد اليمنيين بالمطلق سواء في مرحلة ما قبل المظاهرات أو كما هو الحال اليوم..

جولة العنف الجديدة التي حصدت أرواح يمنيين وجدوا في الساحات والشوارع لن تهدأ وتتوقف ما لم يشعر أهل النظام ورأسه أن مزيدا من الضغط السياسي سيمارس ضده..

هذا الضغط إن لم يظهر في الإعلام فسيبقى بلا جدوى.

diana@ asharqalawsat.com