كل ما أتمناه أن يرفع عني القلم

TT

سمعت صديقين يتناقشان، فقال أحدهما وكان على شيء لا بأس به من (العباطة):

إنني في سبيل إرضائي لزوجتي أقلعت عن التدخين، والسهر مع الأصدقاء في لعب (البلوت) ـ أي ورق (الكوتشينه).

فقال الآخر: لا بد أنك جعلتها سعيدة بذلك.

فهز الأول رأسه وقال: كلا.

فسأله: لماذا؟

فقال: لأنها كلما بدأت تتحدث معي الآن لم تجد شيئا تقوله!

فتدخلت بينهما دون أن يطلبا مني ذلك، وقلت للعبيط: إذا أردت نصيحتي فارجع كما كنت، ولكن (طينها) أكثر، فلا يفل الحديد إلا الحديد.

فسألني: أنت متأكد؟!

فقلت له وأنا أضرب على صدري: (أفا عليك) على مسؤوليتي.

وبعد عدة أيام شاهدته، وحول إحدى عينيه هالة زرقاء.

***

يقول لنا كثيرون من الناصحين الحكماء إننا يجب أن نعمل شيئين لا نحبهما على الأقل كل يوم حتى تصبح حياتنا منتجة وذات معنى.

غير أن لي وجهة نظر أخرى مغايرة، وهي أنني أقترح على الأقل أن نفعل كل يوم شيئين نحبهما ونرغب فيهما، ونخوض في سبيلهما غمار المخاطر حتى ولو على أسنة الرماح، بل وحتى لو أدت بنا تلك المخاطر إلى الهلاك الجميل الحميم المدغدغ للمشاعر الدنيوية، وليس هلاك من تسمعون عنهم بالأخبار الذين يفجرون أنفسهم في النساء والأطفال والناس العزل الأبرياء.

إنني لا أتعب من النبش في خفقات القلوب، فربي خلقني أنا والحب صنوان، فلا تؤاخذوني لو أنني جننت قليلا أو كثيرا، وكل ما أتمناه أن يأتي اليوم الذي يرفع فيه عني القلم، فساعتها أشهدكم أنني سوف أقيم لكم حفلة صاخبة.

***

أسخف كلام سمعته من رجل ـ ولكي تطمئنوا فهو غير مسلم ـ وذلك عندما كان يتحدث مع ابنته من تليفونه المحمول ويقول لها بكل أريحية:

لو قررت يا بنتي يا حبيبتي في آخر الأمر أن تسمحي لرجل أن يقبلك، فلتضعي قلبك كله وروحك في قبلتك.

فليس هناك من رجل يريد أن يقبل الصخرة، هل سمعت؟!

من سوء حظي أنني لم أعرف رد ابنته عليه، ولكنني لا أستبعد إطلاقا أنها قالت له: حاضر يا بابا، ولا يهمك كن مطمئنا. لأنني شاهدته بعد أن أنهى المكالمة وهو يبتسم بحبور بالغ.

عندها لم أملك إلا أن أقول: يا أمان الخائفين، (برا وبعيد).

[email protected]