سر النومة العميقة!

TT

يصعب أن ينظم الإنسان وقته ما لم ينظم نومه.. ولكن ماذا يصنع من يعتقد أنه قد قضى وقتا كافيا في النوم غير أنه يفاجأ في ساعات النهار بأنه لم يأخذ قسطا كافيا يريحه؟ فهناك من ينام عدد الساعات نفسها التي نامها زميل له في العمل، لكن الأول يجر خطاه جرا إلى مكتبه، بينما يأتي زميله وهو في أوج حيويته ونشاطه. يقول العلماء إن أحد أسباب ذلك يكمن في أن البعض يحرم، أحيانا، من نعمة التمتع بالنوم العميق.

فالإنسان عموما يمر بأربعة مراحل طوال مدة نومه. وتبدأ مرحلة النوم العميق، كما أخبرني خبير النوم السعودي الشهير د. أحمد باهمام، «في المرحلتين الثالثة والرابعة، وتبدأ عادة بعد 90 دقيقة من نوم الإنسان، وتعد هاتان المرحلتان مهمتين لاستعادة الجسم نشاطه، ونقصهما ينتج عنه النوم الخفيف غير المريح والتعب والإجهاد خلال النهار». وهذا ما يفسر سبب شعور بعض الموظفين بالنعاس أو الرغبة في النوم أثناء ساعات العمل.

ولذا ينصح د. باهمام الموظفين بـ«النوم في مكان هادئ ومريح يساعد على تجنب كل ما يمكن أن يؤدي إلى استيقاظهم ليلا أو حصولهم على نوم خفيف متقطع». وقد قرأت تقارير عديدة، بحكم اهتمامي القديم بقضية النوم، فوجدت أن العلماء ينصحون بتجنب تناول وجبات دسمة وتحديدا السوائل والمنبهات المدرة للبول وذلك قبيل النوم بنحو ساعة ونصف الساعة حتى يتجنب المرء الاستيقاظ في مرحلة النوم العميق المريحة. فلنوم الإنسان جودة مثل جودة أي منتج أو خدمة يمكن دائما تحسينها بالاهتمام الأمثل بها.

ويطلق العلماء على مرحلة النوم العميق اسم «مرحلة الأحلام». وقد أظهرت دراسة في جامعة كاليفورنيا أن هناك رابطا بين النوم العميق والمقدرة على الإبداع؛ إذ أظهرت أن «النوم العميق والوصول إلى مرحلة الأحلام من شأنه تخفيف الضغوط والمساعدة في تصفية الذهن». فقد أجاب مجموعة من المشاركين في الدراسة، الذين نالوا قسطا كافيا من النوم، بإجابات أفضل عن أسئلة اختبارات الباحثين، مقارنة بغيرهم ممن حرموا من النوم العميق. «ورجح الخبراء أن يكون الوصول إلى هذه المرحلة من النوم يساعد المخ في تنشيط بعض المعلومات الموجودة بالفعل في الذاكرة» بحسب الدراسة.

كما تبين علميا أن تناول فاكهة الموز قبيل النوم يساعد على النوم العميق؛ إذ إن هذه الفاكهة أو ما يطلق عليها «فاكهة الفلاسفة» تزيد من كمية هرمون الميلاتونين الذي يلعب دورا رئيسيا في المساعدة على النوم العميق، بحسب إحدى الدراسات. وكما هو معروف، فإن الشاي والقهوة والأضواء الساطعة كلها تخفض نسبة الميلاتونين لدى الإنسان وتجلب له الأرق.

إذن لمن يتذمر من طول ساعات العمل أو المزاج المتعكر أو من يعلق مشكلات نومه على شماعة الآخرين، نقول: إن استمتاعك بنوم مريح أمر في يدك، فليس النوم دائما بطول ساعاته فقط؛ وإنما للنوم العميق أهمية بالغة، ولا بد أن نهتم به بصورة مستمرة لننعم بيوم مريح في أعمالنا ومنازلنا.

[email protected]

* كاتب متخصص في الإدارة