منظمة الصحة العالمية.. وسلامة المرضى

TT

أواخر يوليو (تموز) الماضي عينت الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، السير بروفسور ليام دونالدسون مندوبا لمنظمة الصحة العالمية في مجال سلامة المرضى WHO Envoy for Patient Safety. وقالت منظمة الصحة العالمية إن «السير ليام سيؤدي دورا مهما في مساعدة منظمة الصحة العالمية على تعزيز سلامة المرضى، باعتبار سلامة المرضى من الأولويات في الصحة العمومية على الصعيد العالمي. وسيسعى إلى حشد الدعم لمبادرة منظمة الصحة العالمية بشأن سلامة المرضى».

ومنذ أن استحدثت الحكومة البريطانية في عام 1855 منصب «الموجه الصحي الرئيسي للحكومة البريطانية» chief medical officer، أصبح السير ليام الطبيب الخامس عشر في سلسة من تولوا هذا المنصب. وبعيد استقرار موجة وباء إنفلونزا الخنازير في بريطانيا، قدم استقالته في مايو (أيار) 2010 ليتفرغ بشكل أكبر للجهود العالمية في مجال رفع مستوى سلامة المرضى.

وقالت الدكتورة مارغريت تشان إن «تسمية سير ليام مبعوثا للمنظمة في مجال سلامة المرضى يشير إلى أهمية ضمان وصول المرضى إلى بر الأمان، وإلى توفر رعاية صحية عالية الجودة في كل مكان في العالم». وأضافت: «برنامج سلامة المرضى قد حظي بالدعم والقيادة الحكيمة لسير ليام لينمو ويترعرع وليصبح مجتمعا يعج بالعلم والمعرفة على صعيد العالم، وليتضمن فعاليات تنتشر في ما يزيد على 140 بلدا تنتشر في جميع أقاليم منظمة الصحة العالمية، بعد أن كان برنامجا تخصصيا صغيرا ضمن المنظمة».

ومما تشعر الأوساط الطبية بالأسف نحوه، أن يتعرض ملايين المرضى في العالم أجمع، وكل عام، للضرر أو الأخطاء الطبية أو حتى للموت عند دخولهم إلى المستشفيات وسعيهم إلى الاستفادة من الخدمات الصحية فيها. وحول هذا، تشير تقارير منظمة الصحة العالمية وغيرها من الهيئات الصحية العالمية، إلى أن الحوادث التي تضر، بشكل مباشر وغير مباشر، سلامة المرضى تصيب ما بين 4% و16% من مجمل أعداد المرضى الذين يدخلون المستشفيات. وعلى سبيل المثال، أوضح تقرير حديث صادر عن منظمة الصحة العالمية، حول عبء حالات العدوى التي تصاحب الرعاية الصحة، أن تبعات الإصابة بحالات العدوى هذه تقدر بمئات الملايين من الناس على الصعيد العالمي، وأن العبء التي تسببه يزيد بمقدار الضعفين في البلدان النامية على ما هو عليه في البلدان المتقدمة.

ولكن مجرد شعور الأوساط الطبية بالأسف لا يكفي البتة، بل يجب عليهم العمل بشكل جاد ودون أي مجاملة على تخفيف تلك المشكلة على المرضى. والواقع أن أحد أهم مظاهر المشكلة، وأحد الأسباب الرئيسية في تماديها، أن الهيئات الطبية العالمية تأخرت كثيرا في وضع برامج وتشريعات للعمل الجاد لتحسين مستوى سلامة المرضى. وعلى سبيل المثال، لم يتم إنشاء برنامج منظمة الصحة العالمية المعني بسلامة المرضى إلا في عام 2004.

وعند توليه منصبه الجديد، قال السير ليام: «لم تحقق الرعاية الصحية مستوى السلامة الذي وصل إليه كثير من المجالات الصناعية العالية الخطورة. إن الكثير من الناس في شتى بلدان العالم يجدون أن من غير المعقول أن ترتكب الأخطاء في إجراء العملية الجراحية أو في إعطاء الأدوية الخطأً للمرضى، مع ما يؤدي إليه ذلك إلى عواقب قد تفضي إلى الموت. ولا بد من الاستفادة من الدروس الناجمة عن هذه الفواجع، ولا بد من اتخاذ إجراءات فعالة»، وأضاف قائلا: «لو أن أحدا دخل غدا إلى المستشفى، فإن احتمالات أن يتعرض لأخطاء طبية خلال معالجته هو 1 لكل 10 مرضى، واحتمالات أن يموت هي 1 لكل 300 مريض، وهي احتمالات خطورة أعلى بكثير جدا من احتمالات ركوب الطائرة والوفاة نتيجة لتحطمها، التي تبلغ 1 لكل 10 ملايين مسافر»!

ودون ذكر أمثلة مؤلمة عما يجري في الدول النامية، لا تزال أرقام الإحصاءات الصحية في الولايات المتحدة أسوأ من تلك في أوروبا. ذلك أنه ووفق التقارير الحديثة لمنظمة الصحة العالمية، يلتقط مليون وسبعمائة ألف مريض عدوى ميكروبية hospital acquired infections خلال وجودهم في المستشفيات الأميركية، مما يؤدي إلى 100 ألف وفاة. وفي حين يصاب أربعة ملايين ونصف مليون مريض بعدوى المستشفيات في الدول الأوروبية، فإن ما يتوفى منهم لا يتجاوز 37 ألف مريض فقط.

واستطرد السير ليام بالقول إن «تقديم الرعاية الصحية هو عمل عالي الخطورة بصفة حتمية، ولأن المرضى يصلون إلى المستشفيات في حالات متقدمة والرعاية الطبية الحديثة يتم تقديمها لهم بسرعة وتحت ضغط عال وتشتمل على استخدام وسائل وأجهزة ذات تكنولوجيا معقدة ويشارك في تقديمها كثير من العاملين بالمستشفيات. وعلى سبيل المثال، فإن إجراء عملية القلب يتطلب مشاركة أكثر من 60 شخصا من وقت دخول المريض إلى وقت خروجه من المستشفى، أي أكثر من عدد الأشخاص اللازمين لتشغيل وإقلاع رحلة طيران بطائرة (جامبو)»!

* استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]