مصر: عامان بلا رئيس

TT

برنامج الانتقال السياسي في مصر يشير إلى أنه لن يكون هناك رئيس جمهورية يحل محل المخلوع حسني مبارك قبل مطلع عام 2013، حيث إن أول انتخابات منذ الثورة هي لمجلس الشعب في آخر هذا العام، ولن تتم انتخابات مجلس الشورى قبل يناير (كانون الثاني)، وبالتالي لن تشكل لجان ويدرس تعديل الدستور أو تغييره قبل مارس (آذار)، وهذا لن يتم في أسابيع حيث سيستغرق نصف عام على الأقل، ثم بعد ذلك تنظم الانتخابات الرئاسية مطلع العام التالي.

هذا التأخير ربما يحتمل شرط أن يكون الوضع السياسي في الداخل المصري مستقرا وقادرا على الصبر، فهل الساحة تحتمل انتظار عام آخر أم أنها مؤهلة للانفجار؟

لو كانت الثورة المصرية حالة مكررة، بمعنى أن هناك قوة واحدة واضحة المعالم هي التي ثارت وسيطرت، كما عليه الحال في معظم الثورات في العالم من البلشفية إلى الخمينية، لما استدعى الأمر القلق من الفراغ الزمني والسياسي، إلا أن الثورة المصرية بدأها ونفذها الشباب بدون قيادة.. حركة عفوية تمكنت من إسقاط حكم مبارك. الآن، بعد ثمانية أشهر، الذين خسروا الثورة هم الشباب ورجالات مبارك، والذين ربحوا الجولة هم العسكر بالدرجة الأولى.. هم الذين يقررون الحكومة، والمحاكمات، ويشرفون على الوضع السياسي اليوم، ويخططون للوضع غدا. وهناك شركاء في المكاسب الثورية مثل «الإخوان المسلمون»، عدا ذلك فإن البقية أصوات تتصارع على حصص صغيرة في كعكة الحكم السياسية.

لا أعتقد أن أحدا من نشطاء ميدان التحرير تصور أن الأمر سيستغرق عامين حتى يمكن إحلال رئيس محل مبارك، بل إنه إبان فترة محاصرة الشباب الثائرين للنظام كانوا يرفضون فكرة الانتظار إلى سبتمبر (أيلول) الحالي على اعتبارها فترة بعيدة. وكان الهاجس حينها أن الوقت ليس في صالح الثوار، وهذا كان صحيحا ولا يزال صحيحا اليوم؛ فالفراغ الطويل، فضلا عن أنه يهدد الاستقرار السياسي للبلاد، أيضا قادر على تغيير الخريطة السياسية. وكما تنبأنا قبل أشهر فإن الخاسر الأول هم الذين صنعوا الثورة، حيث أصبحوا في المقاعد الخلفية بعد أن كانوا هم صناع الثورة وصاغة شروطها. الخريطة اليوم تشير إلى أن العسكر باقون في إدارة الحكم أو الإشراف عليه إلى سنوات طويلة مقبلة، والأحزاب الأكثر تنظيما هي الأقدر على البقاء هذه الفترة الطويلة. وعلينا أن نتذكر أن عامين من العمل السياسي الجاد على مستوى الجماهير مكلف ماديا، فمن أين للأحزاب التمويل؟.. حيث إنه في المجتمعات السياسية الأكثر نموا تتحمل الدولة جزءا كبيرا من تكاليف الأحزاب حتى التي تخسر في الانتخابات لاحقا وتبرهن على أنها تحصل ما يكفي لتمثيل نسب دنيا من الناخبين.

[email protected]