استشارة تربوية

TT

لست خبيرا ولا دارسا لعلم النفس، ولا متضلعا في أصول التربية الحديثة، لكنني أسمع أن مرحلة المراهقة في حياة الإنسان هي من أصعب المراحل وأروعها، وأثناءها ومن خلالها تتشكل شخصية الإنسان. وكل إنسان لا بد أنه مر بتلك المرحلة، غير أن تأثيرها يختلف من شخص إلى آخر.

وأظن أن مراهقتي بدأت في الأعوام الخمسة الأولى من حياتي، وما زالت مستمرة معي حتى الآن - أي أنني لم أعش الطفولة ولا الكهولة - ولا أدري هل ذلك من سوء حظي أم من حسنه!

ومراهقتي بالدرجة الأولى هي فكرية وسلوكية أيضا، لهذا أنا لا أحسن تقديم النصائح لأحد، ولو أنني تورطت في تقديمها فبدلا من أن (أكحلها.. أعميها)، لهذا يتجنب سؤالي كل من يعرفني حق المعرفة، بل إن أحدهم قال لي بالفم المليان «أنت لا خيرك ولا كفاية شرك»، ولم أغضب من نعته لي بتلك الصفة، لأنني أصبحت (مستسمحا)، وقبل مدة جلست أستمع لامرأة فاضلة أخذت تشكو لي مر الشكوى من ابنتها المراهقة ذات الأربعة عشر ربيعا، ولم أتدخل في الموضوع بل تركتها تثرثر ما طاب لها من الثرثرة.

وقالت «إن ابنتي هي دائمة التذمر مني، وتتهمني أنني أؤنبها وأنغص عليها عيشتها، فصارت كأنما ضرب بيني وبينها سد، فاقترحتُ عليها ذات يوم أن يكتب كل منا أربعة أشياء هي أكثر ما يجعل صدر كل منا يضيق بالآخر، وسرّها أن أتيحت لها الفرصة حتى تنتصف لنفسها، وكتبتُ أنا الأسباب الأربعة الآتية:

1 - أنك لا تسارعين بتعريفي وتقديمي لزميلاتك وصاحباتك ومدرساتك..

2 - أنك تستمرين في مشاهدة التلفزيون والعبث (بالإنترنت) حين أناديك لتناول العشاء..

3 - أنك تضعين قدميك على مسند مقعدي حتى في حضرة الضيوف..

4 - أنك لست على ما أريده لك من حسن الأدب في كل وقت..

أما شكوى ابنتي فقد كتبتها لي وجاء فيها:

1 - أنك تعاملينني أمام صاحباتي كأنني طفلة صغيرة..

2 - أنك تقاطعينني كثيرا أثناء مشاهداتي ولعبي..

3 - لست دائما حسنة الهندام إذا حضرت فجأة مع زميلاتي إلى البيت..

4 - أنك تنسين أحيانا أن الزمن قد تغير منذ كنت في مثل سني»..

بعدها صمتت الأم برهة ثم التفتت لي تسألني «بالله عليك ما رأيك في ما ذكرته تلك (الفصعونة)؟!

أجبتها: أقول وما تزعلين؟!

هزت لي رأسها علامة على أنها لن تزعل.

قلت لها: إن الحق كل الحق هو مع ابنتك.

فزعلت مني الأم وقامت من مكانها قائلة لي: «الحق ما هو عليك، الحق عليّ أنني سألتك».

[email protected]