فإننا قد علمنا.. حفظك الله

TT

قد علمنا، أدامكم الله، أن انتخابات رئاسية سوف تجري في روسيا في مارس (آذار) من العام التالي. ولا تقول العرب «القادم»، لأن كل من قدم فقد جاء على قدمين، وفي أي حال فالديمقراطية السوفياتية المتحدرة من الديمقراطية الإمبراطورية القيصرية، لا تخلف موعدا ولا تخالف تناوبا: آذار يعني آذار. 2012 يعني 2012. إليك المسلسل: عين فلاديمير بوتين رئيسا عام 1999 ثم انتخب لولايتين انتهتا عام 2008. بعدها رشح صديقه ومستشاره ميدفيديف رئيسا وعين نفسه رئيسا للوزراء. الآن، وبعد ولاية واحدة في الرئاسة لميدفيديف، أصبح يحق لرئيس الجمهورية السابق ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين أن يرشح نفسه للرئاسة لولايتين، كما يحق له - من حيث المبدأ - أن يعين ميدفيديف رئيسا للوزراء. بكلام آخر، يكون ميدفيديف، في الديمقراطية الجديدة، قد خدم رئيسا مدة أربعة أعوام، يعود بعدها رئيسا للوزراء كما يعود بوتين رئيسا للاتحاد الروسي. وفي ذلك العام، 2012، يكون فلاديمير في السابعة والستين وديمتري في الرابعة والخمسين. ليس فقط في سن الحكم بل في سن الزواج. لماذا لم يكتشف الشيوعيون (ولا العرب) هذه الصيغة الرائعة: ديمقراطية لا غبار عليها وباب الكرملين مفتوح طوال العمر، إما رئيسا للوزراء وإما رئيسا للدولة. وفي هذه الحال زوجتك إما السيدة الأولى الحالية، أو السابقة، أو اللاحقة.

وفي داخلك تضحك من نيقولا الثاني ومن ستالين الأوحد. كانا ساذجين وبسيطين لم يعرفا أن للديمقراطية مداخل ومخارج، فيما الديكتاتورية عقل مغلق وأبواب مغلقة ونهايات مفتوحة على غضب الجماهير وانتقامها لجهلها الطويل. هنا، الجميع يعرفون لكنهم يشكون في معرفتهم. فما إن تتساءل لماذا طالت رئاسة الجمهورية نزل الرجل إلى رئاسة الوزراء. وما إن تسأل لماذا البقاء في رئاسة الحكومة اعتذر عن التأخير وانتقل إلى رئاسة الجمهورية.

بذلك تكون الديمقراطية منشرحة: كل شيء وفق الدستور والقانون: تناوب وتقيد بالمواعيد وحفاظ على الحياة البرلمانية.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.