ويظل رافضا للظلم!

TT

صحيح أن الطبيعة البشرية لم تتغير كثيرا، ولكن أدوات الحياة هي التي تغيرت..

فحواء تغطت بورقة التوت.. وليست صناعة الأزياء إلا تطورا مستمرا لورق التوت.. طولها.. عرضها.. مكانها.. لونها.. شفافيتها.. أن تتغطى به المرأة وتتعرى في الوقت نفسه..

وكان الإنسان يقتل الحيوانات بالحجارة.. وتطورت الحجارة فصارت مدافع وصواريخ وقنابل.. وتطورت الحجارة.. وبقيت الرغبة في القتل والدفاع عن النفس والسيطرة والجشع كما هي!

وكانت كليوباترا قد جربت سم الأفاعي في خادماتها قبل أن تلف الأفعى حول عنقها!

وجربت المخابرات في أميركا وروسيا كل الأسلحة النووية والعملية والصدمات الكهربية وغسل المخ في المرضى والأسرى والمجانين والمواطنين لتعرف مدى خطورتها إذا استخدمتها ضد العدو..

وقد سجد سكان هاواي عندما رأوا جيمس كوك.. فأساطيرهم تقول إنه إله طويل أبيض أزرق العينين سوف يجيء فوق جزيرة عائمة.. وجاء الرجل وسجدوا له.. ولكن عندما قتل منهم الكثير قتلوه.. فلا يزال الإنسان رافضا للظلم والقهر والعدوان..

والإنسان هو هذا الكائن الغامض الذي ينقل حضارته من مكان إلى مكان ومن عصر إلى عصر.. وفي الوقت نفسه قادر على أن يحتفظ بكل سلوكه الإنساني الذي لا يتغير.. روبنسون كروزو عاش في جزيرة وحده، ولكن كانت معه كل صفات الحضارة القديمة..

والجندي الياباني الذي عاش بعد الحرب العالمية الثانية لم يضع السلاح 25 عاما، ظل يأكل الحشرات والأسماك ويربي الدجاج لا يعلم أن الحرب قد انتهت. ولما قالوا له لم يصدق وانتظر أمرا من الإمبراطور.. وجاءوا له بالأمر فاستسلم.. فقد عاش وحده ولكن احتفظ في أعماقه بكل التقاليد العسكرية اليابانية!

ونيل أرمسترونغ، أول إنسان نزل على القمر تحرسه ألوف العيون والعقول الإلكترونية ومحطات المتابعة في القارات الخمس، كان يلف حول عنقه إيشاربا هدية من أمه فهو ابنها الوحيد وهو يعتقد، وهي أيضا، أن هذا الإيشارب هو الذي سينجيه من الموت!

ولكن ما الذي أصاب الإنسان الآن؟

من المؤكد أننا نريد الحياة لأنفسنا والموت لغيرنا.. ولكن الحياة تنتصر مع إرادة البقاء والسيطرة على الإنسان وعلى البيئة..

وإذا كان الإنسان يريد الآن أن يهاجر إلى الكواكب الأخرى.. فقد فعل ذلك من قبل عندما هاجر من قارة إلى قارة.. وبقي هو هو، فهذه الهجرة لن تغير طبيعة الإنسان!!