هل تصلح المرأة للقيادة؟!

TT

شهد البيت الأبيض في الآونة الأخيرة امتعاضا ملحوظا من كبار النساء القياديات في إدارة الرئيس الأميركي أوباما من شيوع «بيئة عمل ذكورية» تهمش دورهن من خلال عدم إشراكهن في أمور مهمة، الأمر الذي دفع الرئيس إلى المسارعة بالاجتماع بهن وتهدئتهن، ثم تداركت الإدارة الأميركية الوضع بزيادة عدد التعيينات النسائية وصارت تلتفت أكثر إلى مطالبهن.

ولكن الأمر تصاعد قبل أيام بعد أن تم نشر كتاب جديد، دون فيه الصحافي روت سوسكيند نحو 700 ساعة تسجيلية لشكاوى النساء القياديات في البيت الأبيض، وكان بعنوان «الرجال الثقات: وول ستريت وواشنطن وتعليم رئيس»، بحسب ما نشرته «الشرق الأوسط» نقلا عن خدمة «واشنطن بوست». ولمحت أيضا إلى أن مدير الاتصالات السابقة في البيت الأبيض «أنيتا دون» قد بلغ بها السيل الزبى إذ قالت إنها أخبرت إحدى المسؤولات ما نصه «لولا الرئيس لتقدمنا إلى المحكمة بشكوى ضد هذا المكان على أنه معاد للمرأة»، في إشارة إلى البيت الأبيض. يقول المثل الخليجي الشعبي «عندنا وعندكم خير»، فالمرأة في مجتمعاتنا العربية، عموما، ما زالت تعاني صعوبة الوصول إلى مناصب قيادية حساسة في القطاعات العامة والخاصة. والمفارقة أن المقاومة الذكورية، العلنية والخفية، لا تستند عادة إلى أسس منطقية تدفعنا إلى التصديق بأن المرأة لا تصلح بالفعل للمناصب القيادية، بل على النقيض فإن دراسة علمية أميركية أجرتها منظمة «PRCP» أظهرت أن 21 في المائة فقط من المشاركين يرون أن الرجال يتفوقون على النساء في القدرات القيادية، بينما قالت الغالبية العظمى (69 في المائة) بأن المرأة والرجل متساويان في القدرات القيادية. ولا نذيع سرا إن قلنا إن المرأة لديها من القدرات المهمة في القيادة ما يتساوى، إن لم يفق الرجل، منها مقدرتها على تذكر الأحداث الماضية، وشدة ملاحظتها لدقائق الأمور، ومقدرتها على تأدية أكثر من عمل في وقت واحد Multi - Tasking. كما تمتاز المرأة أيضا بالجانب العاطفي الذي أراه ميزة لصالحها، لأن هناك قرارات قيادية تحتاج إلى شيء من العاطفة، خصوصا إذا كانت مرتبطة بمصالح الناس. وإذا كانت المنظمة تعمل وفق آليات العمل المؤسسي، التي تحكمها لوائح وقوانين محددة، فلا يجب أن نقلق من مسألة العاطفة، لأن القرار إن كان عاطفيا مجردا، كتعيين غير شخص لا تنطبق عليه الشروط أو تسريح تعسفي لموظفة، فإنه سيصطدم باللوائح والقوانين.

أما من أكثر الحجج الواهية التي سمعتها، التي تدفع البعض إلى أن يضمر رفضه لتولي المرأة مناصب قيادية، فهو زعمهم بأن المرأة متقلبة المزاج بحكم ما يعترضها من تغيرات شهرية فسيولوجية! ولكن من ذا الذي قال إن الرجل بريء، من هذا الجانب، فمن الرجال من تعترضه نوبات غضب عنيفة، ويرعد ويزبد، فيؤثر ذلك على قراراته وعلاقاته مع الآخرين.

وها هو التاريخ القريب والبعيد يسطر لنا أروع الأمثال لنساء بارزات في مناصب قيادية كرئيسة الوزراء، والسفيرة، والوزيرة، والمديرة العامة، ومديرة المستشفى والمدرسة وغيرها، قدنا مؤسساتهن وفق أفضل المعايير المهنية. فلماذا نفكر ألف مرة قبل أن نعين المرأة في مناصب رفيعة.

ويجدر هنا أن أحيي العاهل السعودي الملك عبد الله على منحه المرأة حقوقها السياسية، دفعة واحدة، وهو بهذا القرار التاريخي قد قطع المجال أمام المشككين في قدراتها أو أهليتها.

كفانا مقاومة في تعطيل قدرات نصف المجتمع، فقد أنفقت جامعاتنا مليارات المبالغ لتخرج لنا نساء متميزات ثم نقرر بتعسف ذكوري أن نختار لها الوظيفة التي نراها مناسبة، لأننا نزعم أن هذه المرأة تنقصها بعض الأمور. ولنتذكر دوما أن المرأة تختلف عن الرجل لتكمله.

[email protected]

* كاتب متخصص في الإدارة