«القاعدة».. «زعلانة» من نجاد!

TT

اقرأوا معي الخبر التالي:

«في أحدث إصدارات مجلة (إنسباير)، العدد السابع، التي تصدرها (القاعدة) باللغة الإنجليزية، شن أبو صهيل، أحد كتاب المجلة، هجوما لاذعا على ما وصفه بالنظرية (السخيفة) التي دأب أحمدي نجاد على الترويج لها من أن هجمات سبتمبر (أيلول) الإرهابية نفذتها الحكومة الأميركية لاستخدامها كذريعة لغزو الشرق الأوسط».

ويتابع الخبر، الذي نشرته جريدة «الشرق الأوسط»، نقلا عن مقال أبي صهيب: «بالنسبة لهم كانت (القاعدة) منافسا في معركة كسب عقول وأفئدة المسلمين المحرومين في العالم، وقد نجحت (القاعدة) في ما لم تتمكن منه إيران. لذا كان من اللازم أن يقوم الإيرانيون بالتشكيك في 11/9، وماذا كانت الطريقة الأمثل لذلك؟ نظرية المؤامرة!».

بصرف النظر عن شخصية أبي صهيب، إلا أنني أتعاطف معه وأضم صوتي لصوته في وجوب حفظ الحقوق المعنوية لتنظيم القاعدة التي يحاول أحمدي نجاد نفيها وتكذيبها عبر ترويج نظرية المؤامرة ونفي تصديق رواية «القاعدة» عن هجمات 11 سبتمبر.

طبعا من العبث إعادة النقاش الغزير الذي خضناه حول مسؤولية «القاعدة» عن هجمات 11 سبتمبر، بالاعتراف الصريح، والوصايا المسجلة، والسير الشخصية لمنفذي الهجمات، واندلاع هجمات إرهابية أخرى للتنظيم ومقلدي التنظيم في كل مكان بالعالم، قبل وبعد، هجمات 11 سبتمبر، في لندن ومدريد وإسطنبول والدار البيضاء والرياض وعمان والقاهرة.. إلخ. فهل هذه كلها أيضا «فبركات» ومؤامرات غربية غامضة، حسب هلوسات نجاد وأشباهه في العالم العربي والغربي أيضا؟!

نعم.. من العبث إعادة النقاش هذا، لكن أعجبني هنا تطور خطاب «القاعدة» و«رهافة حساسيته»، وجميل أن يروج لفكرة حماية الحقوق الفكرية و«العلامات التجارية»، فإذا سلبنا عن «القاعدة» «مفاخر» عملية 11 سبتمبر، فماذا يبقى لأسامة بن لادن ومريديه وتلاميذه؟!

بسبب هذه الهجمات توج أسامة أيقونة مقدسة في قلوب شبان غاضبين، في باكستان واليمن والسعودية ومصر والأردن وليبيا وغيرها من بلدان العرب والمسلمين، وحتى في المهاجر.

الحق أن أحمدي نجاد لا تهمه الحقيقة نفسها، وليس مشغولا بتتبع صورتها في حديثه هذا، لكنه يريد فقط «مناكفة» الأميركيين والغرب، و«نكشهم» من باب الكيد والإغاظة.

نحن فعلا شعوب - في كثير من ردود فعلنا - عاطفيون وانفعاليون، ولا نأبه كثيرا بقيمة الحقيقة نفسها وكونها تملك، بمفردها، قوتها الأخلاقية الخاصة وقيمتها الخاصة، وليست مجرد أداة من أدوات الصراع والتنافس، فمرة نصدق هذا ومرة نكذبه حسب أهوائنا الحالية، وليس حسب قوة الأدلة.

على كل حال، أحببنا أن نوجه عتبا للرئيس أحمدي نجاد، المؤمن المناضل - صديق الرئيس الانفصالي البطل عمر البشير، حيث يبشر الاثنان هذه الأيام بقيام دولة التوحيد! - نعاتبه على سلبه للحقوق المعنوية لتنظيم القاعدة، فهذا أمر يغيظ شباب التنظيم ويكدر خواطرهم، فهل يرضيك يا فخامة الرئيس، أن تبات الليل وخواطرهم مكدرة؟! أين «العيش والملح» إذن؟!

[email protected]