بالتهذيب البحريني: كفى!

TT

في الأيام الأخيرة لصدام حسين وقع خيار مجلس التعاون على نائب رئيس وزراء البحرين الشيخ محمد بن مبارك لكي يذهب إلى بغداد ويبلغ صدام حسين بالرأي الذي اتفق عليه العرب، وهو أن الأفضل له، وللعراق، وللعرب، أن يذهب إلى مكان آمن وكريم. تخيلت الشيخ محمد، بكل تهذيبه وكياسته ودبلوماسيته، يبلع ريقه، ثم يستعيده، ثم يرطب به حلقه الذي جف، ثم يقول للرجل الذي يطلق الرصاص من بندقيته ومِن حوله ولداه: «يا صاحب السيادة، ارحل. فل. كفى العراق جثثا وحصارا واحتلالات وحروبا وانهيارا».

طبعا لم يذهب محمد بن مبارك إلى العراق. ما له ولهذه المحنة؟ ماذا يفعل إذا أجابه صدام حسين بأن مائة في المائة من الشعب العراقي قد انتخبوه وهو باقٍ بإرادة الشعب وحمى النشامى؟ ماذا يفعل إذا رأى لدى خروجه من القصر الجماهير العفوية تهتف: «فلتكفّ البحرين عن التدخل في شؤون العراق. فلترفع المنامة يدها عن بغداد الضحية».

تذكرت الشيخ محمد بينما تعلن صنعاء أن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني استخدم لغة «استفزازية» في مخاطبة الرئيس اليمني المنتخب ديمقراطيا، شعبيا، دستوريا. لغة استفزازية لمخاطبة أحد. ولكن يبدو أن الأمين العام قال للرئيس الحريص على الدستور والخيار الديمقراطي، ما معناه: سيادتك! الشعب اليمني في الخارج يرفع منذ نصف عام يافطات كتب عليها «ارحل». والعرب يهمسون: «ارحل». والعالم يردد: «ارحل». ووساطة مجلس التعاون قائمة على قاعدة «ارحل». ولم يعد أمامي سوى أن أختصر الوضع لسيادتكم وألخصه بكلمة واحدة: ارحل.

يا سيدي الرئيس ماذا تنتظر؟ أو بالأحرى من تنتظر؟ يا مولاي الناس ملت والوسطاء ملوا وأهل الخليج خائفون على اليمن من الحرب الحادية عشرة، فما الذي يبقيك؟ هل تصدق الفتاوى التي تحرم التظاهر ضدك والمسّ بسلطانكم العظيم؟ ارحل يا صاحب السيادة. دع اليمنيين يبحثون عن مرحلة جديدة لا تجفّ فيها المياه ولا النفط ولا ييبس فيها سوى القات. دع اليمنيين المهاجرين يعودوا لبناء بلادهم. دع أهل الجنوب يشعروا بأن الرئيس المقبل خيارهم لا سيدهم ولا مضطهد زعمائهم.

مهما كان الأمين البحريني مؤدبا سوف يكون استفزازيا. لا يستطيع أن يُسمعك سوى كلمة الإجماع. كفى.