دورة الاقتصاد وشرحها

TT

لم أكن أدري إطلاقا أن أهميتي المالية تصل إلى هذا المدى. طالما اعتقدت أنني، والحمد لله، في حال طيب. لكن، مثل جميع الناس، أردت أن أحسن أوضاعي، وتذرعا بأن ذلك لعائلتي وليس لي، فقد تقدمت في السن، والأيام الآتية تبدو صعبة على جيل الشباب، فقررت أن المكان الوحيد الذي يمكن أن أبحث فيه عن تحسين الأوضاع، أو على الأقل تعديلها، هو سوق الأسهم.

هلم بنا صحبي إذن إلى البورصة، درستها ودرست تاريخها وخرائط صعودها وهبوطها، ولما شعرت بالتمكن من الأمر، أقدمت، إي والله أقدمت، لكن حسبت حسابا لكل شيء، إلا لمدى تأثيري على أرقام البطالة في أميركا، فلما نشرت الأرقام رأيت أسهمي تهبط 20%، فحمدت الله على محدودية الأضرار من دون أن أنتبه إلى مدى تأثيري وعلاقتي باقتصاد اليونان. وفي اليوم التالي وقفت اليونان على شفير الإفلاس وتقرر أن أقف معها. عبثا اعترضت. قلت: إنني لم أذهب إلى أثينا منذ 20 عاما على الأقل.. لكن حكومة اليونان أصرت على أن أسقط معها في سلة واحدة، بسبب كل ما أعربت فيه عن حب لأفلاطون وأرسطو وتيللي سافالاس وعائلته.

قلت في نفسي: الله المدبر.. ولن يمتد نفوذي إلى أبعد من أميركا واليونان، لكن موظف البنك اتصل بي يسأل ماذا سأفعل بالنسبة إلى أزمة البرتغال. قلت: ما علاقتي بالبرتغال؟ إذا كان أحد جدودي قد وصل إلى هناك قبل قرون، فإنه لم يترك لي أي صك ملكية بأي قطعة أرض، أو بكوخ مطل على البحر. لكن الموظف رفض الإصغاء واعتبر أنني أتهرب كالعادة من نفوذي في الاقتصاد العالمي، وقال، ألم تسمع بديون البرتغال؟

قلت: بلى.. سمعت، لكن الأسهم التي أملكها مقسمة بين التليكوم في أميركا ومصانع الفولاذ في الهند، فما علاقتها بديون البرتغال؟ قال منتصرا: هنا يأتي دور البنوك في شرح خفايا الاقتصاد، فعندما تتملك أسهما هندية يجب ألا يغيب عن بالك أن البرتغال كانت تستعمر جزءا من الهند، ولا تنسَ أنها اكتشفت البرازيل، وأن العرب قد وصلوا إليها، وبما أنك عربي تملك أسهما في الهند ولم تسافر إلى البرازيل بعدُ، فعليك أن تتحمل تأثر الاقتصاد العالمي بجنوب الهند وجنوب شرقي البرازيل.

سألته: كم بقي من قيمة الأسهم؟ قال: 22.5%، لكن تأثير نفوذك على الفرنك السويسري قد محاها.. وداعا لأملاكي الأسهمية إلى الأبد.