حل لدولة واحدة أم دولتين؟

TT

ذكر آية الله علي خامنئي، في المؤتمر الدولي الخامس لدعم الانتفاضة الفلسطينية في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول)، أن إيران لن تقبل بوجود أراض فلسطينية مقسمة بجوار دولة صهيونية. وركز خامنئي في خطابه على أربع نقاط مهمة هي:

1) إسرائيل بمثابة ورم سرطاني يجب استئصاله.

2) جميع الأراضي هي حق للفلسطينيين.

3) هدفنا هو حرية فلسطين بأكملها وليس جزءا منها، وأي خطة لتقسيم الفلسطينيين مرفوضة كليا.

4) الدولة الفلسطينية تمتد من النهر إلى البحر.

وأكد محمود زهار، وهو قائد بارز لحركة حماس ومبعوثها لدى مؤتمر الانتفاضة الفلسطينية في طهران، أن الفلسطينيين سوف يستمرون في التصدي للنظام اليهودي حتى يتم تحرير الأراضي المحتلة.

وقال في كلمته في طهران يوم الأحد قبل الماضي: «سنواصل المقاومة حتى يتم تحرير جميع الأراضي الفلسطينية. إننا نؤكد في مثل هذه المؤتمرات أننا لن نحيد عن دربنا حتى يتحقق حلمنا» ورفض علي خامنئي «حل الدولتين» لمسألة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وأكد أن «الخطة بمثابة ذريعة لجعل النظام اليهودي نظاما شرعيا».

وقال آية الله خامنئي: «هدفنا هو حرية فلسطين بأكملها وليس جزءا منها، وأي خطة تسعى إلى تقسيم فلسطين غير مقبولة على الإطلاق».

وذكر أن حل الدولتين تحت غطاء منح الدولة الفلسطينية عضوية الأمم المتحدة لا يهدف إلى شيء سوى «الإذعان لمطالب اليهود، وهي الاعتراف بالحكومة اليهودية على الأراضي الفلسطينية. وهذا يعني ضياع حقوق الفلسطينيين وتجاهل الحقوق التاريخية للاجئين الفلسطينيين، كما يهدد حقوق الفلسطينيين الذين يعيشون على حدود 1948».

من ناحية أخرى، فإن الحكومة الإسرائيلية (نتنياهو ووزير خارجيته،...) يقفون ضد حل الدولتين. ورؤيتهم هي نفس رؤية آية الله خامنئي، لكن من وجهة نظر إسرائيلية.

وهم يعتقدون أن دولة إسرائيل العظمى سوف تكون بين النهر والبحر. وهم يستندون إلى الإنجيل وكتاب اليهود المقدس. لكن هناك اختلاف شديد الأهمية، فعندما يقول الخامنئي، إن حدود فلسطين من النهر إلى البحر، فهو يقصد نهر الأردن، ومن الناحية الأخرى، يعني المتشددون الإسرائيليون، نهر الفرات! وهم يبررون هذا الادعاء بالتوراة، التي جاء فيها «في ذلك اليوم، أبرم الرب مع إبراهيم عهدا، وقال: لنسلك أعطي هذه الأرض، من وادي مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات» (سفر التكوين 15:17 - 19).

إننا نواجه نوعين من التطرف. كلا الجانبين يرفض حل الدولتين. وكلا الجانبين يبرر ادعاءه بوثائق مختلفة؛ حقيقية أو مزيفة. وهذا غريب للغاية، فكلا الطرفين متطرف، ويمكننا أن ندعي أن التطرف الإسلامي والتطرف اليهودي يلتقيان مع بعضهما على أراض مشتركة. وشروطهما وأدبهما متشابهان للغاية مع بعضهما.

وقد تحدث كلا الجانبين عن دولة واحدة بين النهر والبحر. لكن من وجهتي نظريهما الخاصتين. وكل جانب يريد أن يتخلص من الآخر.

ويبدو أن الفلسطينيين قد انقسموا إلى مجموعتين أو معسكرين؛ مجموعة تؤيد خارطة الطريق التي وضعها آية الله خامنئي، كما ذكر الزهار. ومن الناحية الأخرى، يدعم محمود عباس، الرئيس الفلسطيني وقائد حركة فتح، حل الدولتين. في الوقت نفسه، استخدم نتنياهو خطاب الخامنئي كأفضل مبرر للادعاء أن إسرائيل بحاجة إلى الأمن.

وكما نعلم، قامت الحكومة الإسرائيلية، في العقد الماضي، بتغيير اسم محادثات السلام إلى محادثات الأمن.

على سبيل المثال، قال نتنياهو يوم السبت، الثاني من أكتوبر على القناة الإسرائيلية العاشرة: «إن تعليقات القائد الإيراني الصاخبة المناهضة لإسرائيل، مبكرا هذا اليوم، تعزز ثبات حكومتي على المتطلبات الأمنية للمواطنين الإسرائيليين ومطالبنا بأن يتم الاعتراف بإسرائيل كدولة لليهود».

هل يمكننا أن نقول ما إذا كانت إسرائيل بحاجة إلى هذا الموقف المتطرف لتبرير موقفها الضعيف للغاية، أكثر من أي وقت آخر؟

لسوء الحظ، فقد دفعنا ثمنا باهظا بسبب التطرف. لكن سؤال شديد الأهمية يتصاعد هنا، من الذي غذى هذا التطرف؟ لقد قدم محمود عباس طلبه لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وعندما تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو للاعتراض عليه سيكون واضحا للغاية أن التطرف يتغذى على هذه المواقف، فعندما ينسى أوباما أنه رئيس الولايات المتحدة الأميركية ويتحدث كمروج للحكومة الإسرائيلية، تكون النتيجة واضحة للغاية. ووفقا لخطاب أوباما في الأمم المتحدة واعتمادا على دعمه الكامل لإسرائيل، يبدو، كما كتب يوري أفنيري: ليس هناك احتلال، ولا مستوطنات ولا حدود يونيو (حزيران) 1967. ولا نكبة. ولم يقتل أطفال فلسطينيون أو يتملكهم الذعر. هذه دعاية إسرائيلية يمينية صرفة، نقية وبسيطة - المصطلحات والرواية التاريخية والجدال والموسيقى.

بالطبع، يجب أن يكون لدى الفلسطينيين دولة خاصة بهم. لكن يجب ألا يكونوا انتهازيين. ولا يجب أن يربكوا الولايات المتحدة. وألا يذهبوا للأمم المتحدة. يجب أن يجلسوا مع الإسرائيليين، كأناس راشدين، والعمل على إيجاد حل معهم. يجب أن تجلس الأغنام العاقلة مع الذئب العاقل، ويقرروا ماذا سيأكلون في وجبة العشاء. ولا يجب أن يتدخل الأجانب.

وما من شك، بواسطة هذا الدعم المطلق لإسرائيل، أن المستقبل لن يكون أكثر إشراقا من هذه الأيام. فمن ناحية، تتعامل الولايات المتحدة كما لو أنها ستستخدم حق الفيتو ضد المطلب الفلسطيني. ومن ناحية أخرى استخدمت روسيا والصين حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن بالنسبة لسوريا. العين بالعين.

وكيف لي أن أنسى مقابلتي لأبو إياد، الشخصية البارزة في حركة التحرير الفلسطينية، عندما التقيته عام 1983 في الجزائر. وكانت إسرائيل قد احتلت لبنان وغادرت منظمة التحرير الفلسطينية لبنان. وكانت الجلسة السادسة عشرة من البرلمان الفلسطيني في المنفى عقدت في الجزائر. وكان خالد فاهوم هو رئيس البرلمان. قابلت صلاح خلف - أبو إياد - في فيللته التي كانت بالقرب من مركز المؤتمر. ولم يكن أبو إياد رجلا ثرثارا. وفي أغلب الوقت كان يدخن ويستمع بعناية، وفي بعض الأحيان كان يكتب ملحوظة قصيرة. وكان الوقت متأخرا للغاية، ربما كان ذلك بعد منتصف الليل. وقال: «يجب أن تكون حذرا بالنسبة لدور المتطرفين، فهم إما أن يكونوا جاهلين أو خونة، ولدينا أمثلة سيئة وحزينة للغاية على هذا في الحركة الفلسطينية».

وكان لمعان عينيه يغلب على دخان السجائر. وبعد 28 عاما، بدا لي أنني أستمع إلى صوته وأتذكر إدراكه مرة أخرى.