شكرا خالد المعينا

TT

منذ نحو سبع سنوات مضت كنت في رحلة طويلة جدا إلى مدينة أوكلاند بنيوزيلندا، وصلت إلى الفندق فيها متعبا ومنهكا فدخلت إلى غرفتي، وقام كما هو معتاد حامل الحقائب بإنارة الغرفة وفتح جهاز التلفاز، وكانت محطة «بي بي سي» الإخبارية العريقة يظهر عليها الصحافي السعودي المخضرم خالد المعينا يعلق على أحد الأحداث الإرهابية التي أصابت السعودية جراء المجموعات المتطرفة التي ابتليت بها البلاد، فابتسمت وأرسلت له رسالة من هاتفي الجوال وقلت فيها من آخر العالم أهنئك على ما قلت.

اليوم يترك خالد المعينا مكانه كرئيس تحرير لصحيفة «عرب نيوز»، بعد مشوار مهني ناجح ومميز، طور فيه الصحيفة اليومية الناطقة باللغة الإنجليزية إلى منبر سعودي فعال لمناقشة العالم والتفاعل معه في شتى القضايا المحلية والعالمية، سواء أكان ذلك في ما يخص المسائل الفكرية أو السياسية أو الاقتصادية، حتى تبوأت الصحيفة مكانة خاصة ضمن أهم الصحف الناطقة باللغة الإنجليزية في العالم العربي، وتستشهد بأخبارها العديد من وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية حول العالم.

خالد المعينا كان له حضوره اللافت والمستمر مع البعثات الدبلوماسية، ومع رموز الإعلام من الغرب ومن الشرق، وكان مكتبه ومنزله ديوانا لملتقيات متواصلة يتم فيها التعارف والتحاور في شتى المواضيع كلها بروح جميلة مليئة بالوطنية وبالمهنية.

في يوم من الأيام إذا ما قرر خالد المعينا أن يقوم بكتابة مذكراته (التي أقترح لها عنوانا «راقصا» جميلا!) فسوف يقوم ولا ريب بتغطية فترات مثيرة من الحياة الصحافية في السعودية، مليئة بالمحطات البارزة، لعل أولاها وأهمها كانت حرب تحرير الكويت، أو ما عرفت بلغة الإعلام بعاصفة الصحراء، حيث كان خالد المعينا شعلة نشاط مع المراسلين والصحافة والقوات العسكرية، وغطى الخبر الأهم عالميا بشكل لافت، وحضرت معه العديد من المناسبات التي تحاورنا فيها مع أسماء كبيرة ولامعة مثل توماس فريدمان الكاتب الأميركي البارز في صحيفة «نيويورك تايمز»، وسكوت ماكلويد مراسل مجلة «التايمز»، وزين فيرجي مندوبة محطة الـ«سي إن إن»، وأذكر مقابلة تلفزيونية أجريتها في مكتبه مع مراسلة الـ«سي إن إن» وقتها ريم الإبراهيم ابنة الدبلوماسي الجزائري المعروف الأخضر الإبراهيم والتي تزوجت بعد ذلك من الأمير الأردني علي بن الحسين.

كانت تغطية خالد المعينا في «عرب نيوز» متوازنة وثرية، تتناول الشأن المحلي والاجتماعي، وتطرح قضايا حقوقية وعمالية بشكل استباقي قبل أن تصل للصحافة الغربية فتعبث بها وتسيء استغلالها، وكذلك كانت الجريدة منبرا لاكتشاف المواهب السعودية في شتى المجالات بتميز وذكاء.

شاركت معه في مجموعة غير بسيطة من الندوات والمؤتمرات المختلفة التي كان دوما فيها واجهة مشرفة وجديرة للإعلام السعودي المتزن والمسؤول. هو قارئ نهم ولغته الإنجليزية «أكسفوردية» كما يقال عن الذين يتميزون فيها نطقا وكتابة وتفكيرا، وهي مسألة أسهمت في قوة أدائه وفعالية عمله.

كان دوما مثار تعجب واستغراب من الإنجليز والأستراليين والجنوب أفارقة والهنود القائمين على الصحافة الغربية أو على الصحافة الناطقة باللغة الإنجليزية في الخليج تحديدا، بوجود كفاءة سعودية على رأس المطبوعة الإنجليزية السعودية.

يغادر خالد المعينا مكانه كرئيس تحرير لـ«عرب نيوز» بعد مشوار ثري ومميز حقق فيه نجاحات على الصعيدين الشخصي والمهني، وثبت مكانة مميزة للمطبوعة كإحدى أهم المطبوعات الصادرة باللغة الإنجليزية في العالم العربي سواء بإصدارها الورقي أو بنسختها الإلكترونية. وهو سيواصل دوره ككاتب عمود صحافي في «الاقتصادية» وفي «عرب نيوز» يغطي أحداث الساعة ومواضيعها الشيقة والمختلفة بأسلوبه المميز والفريد.

بالنيابة عن قاعدة عريضة من القراء الذين كان لهم نصيب يومي من متابعة ما ينتجه خالد المعينا كل صباح أتقدم له بالشكر على مشوار ممتع وفريد، وأتمنى له التوفيق في خطواته المهنية القادمة.

[email protected]