كيف يكتبون؟!

TT

كل يوم، صيفا وشتاء، أصحو عند الخامسة صباحا.. أغسل يدي، لا بد أن أغسل يدي.. وأبلل عيني بالماء.. وأتجه إلى مكتبي.. وأزيل كل الكتب من فوق المكتب.. وكل قلم وكل ورقة وكل ما أجده يعترض عيني إذا نظرت أمامي.. وأطفئ نور السقف حتى إذا نظرت فلا شيء من الكتب التي على الجدران يجذب عيني.. فأنا لا أريد أن أنظر إلى شيء.. لا أريد أن أركز على أي شيء!

أما الورق فلا بد أن يكون أبيض بلا سطور.. طويلا ناعما.. أما القلم فأمامي عشرات الأقلام.. لا بد أن يكون حبرها أسود قاتما.. ناعمة تنزلق على الورق بسهولة.. وألا تكون أسنانها مدببة وألا تكون غليظة.. فإن كانت ناعمة جدا سبقتني على الورق.. وإن كانت خشنة أو جافة أو محددة فإنها تعرقل كتابتي.. وأنا أكتب بسرعة التفكير بالضبط.. لذلك فالحروف كبيرة.. وخطي ليس واضحا.. وأكثر الكلمات بغير نقط.. فأنا أكاد لا أرى ما الذي أكتبه.. فلم أرث عن والدي جمال الخط.. فقد كان خطه فارسيا جميلا أنيقا!

كثيرون من الكتاب يفعلون ذلك..

فالشاعر العظيم شكسبير كان يكتب بسرعة هائلة.. ويقال إنه لا يشطب كلمة واحدة.. وكان يختار ورقا صغيرا.. ومن يقرأ ما كتبه الأديب الفرنسي هوغو يجد أن الصفحات التي يكتبها ليست إلا معركة بين الذي كتبه وبين الذي أعاد كتابته وبين الذي شطبه وبين الذي وضعه بين السطور.

قليلون جدا من الأدباء لهم خط جميل.. وفي مقدمتهم جميعا كاتب أميركا إدغار آلان بو.. ويقال إنه فاز في أول حياته الأدبية بجائزة كبيرة لجمال خطه. والأديب الفرنسي ألكسندر ديماس الصغير اشتغل سكرتيرا لأحد المحامين لجمال خطه..

والكاتب الإنجليزي كارليل كان يكتب على ورق ملون.. وأمير الشعراء أحمد شوقي كان يسجل ما يخطر على باله على علب السجائر والكبريت. ولم يعرف الأدب رجلا أصر على أن يكتب باللون الأسود مثل الشاعر رديارد كبلنغ، حتى إنه في إحدى المرات أراد أن يسجل إحدى قصائده فلما لم يجد قلما أمسك عودا من القش وراح يغمسه في فنجان القهوة ليكتب على قطعة من القماش!

وكان الأديب الأميركي همنغواي يكتب واقفا، فقد أصيب بكسر في ظهره إثر حادث طيارة.. وكان الشاعر الألماني غوته يكتب واقفا، فلديه التهاب مزمن في مصرانه الغليظ!

بينما أدباء آخرون «أفقيون» يكتبون نائمين على بطونهم.. مثل أديب بريطانيا استفنسون والشاعر والتر سكوت!

كان الفيلسوف الأميركي بنيامين فرانكلين يكتب وهو في البانيو، وهو أول من أدخل البانيو إلى أميركا!