هل رأيت بنكا للأفكار؟!

TT

مثلما تتبضع في السوق المركزية فهناك من وضع لك متجرا خاصا للأفكار لعلك تجد فيه ضالتك. من هؤلاء الشاب السعودي ياسر البكر الذي أطلق موقعا بعنوان «كيف أبدأ؟» والذي باع خلال العامين الماضيين أفكارا تجارية لأكثر من 6 آلاف عميل. وتتلخص فكرته في أنه يقدم لك معلومات موثقة عن عوائد المشاريع في شتى القطاعات بسعر زهيد يصل إلى «نحو 107 دولارات للفكرة» كما ذكرت مجلة «فوربس» مؤخرا. وتحولت أفكاره اليوم إلى مشاريع تجارية ناجحة.

لا ضير أن يبيع المرء فكرته، لكن المشكلة الحقيقية هي أن يئد الإنسان أفكاره بعدم تمريرها لمستحقيها من المؤسسات أو الأفراد سواء بمقابل أو من دون مقابل فيحرم المجتمع من خيرها. مجلس الوزراء المصري انتبه لأهمية ذلك فأطلق قبل بضعة أشهر «بنك الأفكار والمبادرات التنموية»، وقد شارك فيه أعداد كبيرة من المصريين بأفكار خلاقة لخدمة بلدهم في جميع المجالات، عبر الإنترنت. وأطلقت هناك أيضا «جمعية بنك الأفكار الجديدة» لمؤسسها خالد بنون، لكن يبدو أن حلمه في تأسيس «وزارة الأفكار الجديدة» قد تحطم على صخرة الواقع، إذ طلب من سفارة الولايات المتحدة لدى بلاده، رسميا، مقابلة الرئيس الأميركي ليحقق حلمه في بلاد العم سام وقد «أرفق بالطلب نسخة مصغرة من مشاريعه التي يمتلكها بالإضافة لنموذج هيكلي لمشروع الوزارة الجديدة».

عقول العرب تعج بالأفكار والحلول الجميلة التي يمكن أن تغير أحوالنا وما الاختراعات والدراسات والأفكار التي تحصد نوبل وجوائز معرض جنيف السنوي للاختراعات إلا أحد الأمثلة. فكل اختراع مهم من حولنا من الطائرة حتى الدبوس كان فكرة لم يكتب لها النور لولا أن وجدت آذانا مصغية احتضنتها ورعتها ولم تتندر عليها!

وإني لا أستغرب كيف يعيد مشرعو القوانين في بلداننا اكتشاف العجلة بإصدارهم لجملة من القوانين المهمة من دون تكليف أنفسهم عناء دراسة ما صدر من قوانين مماثلة في العالم. والأمر ينسحب على المسؤولين في القطاعين العام والخاص المحاطين بكوكبة ممن يحملون أفكارا نيرة يمكن أن تخفض التكلفة وترفع الإنتاجية لو أنهم استشاروهم.

وحتى على الصعيد الشخصي لماذا لا يكون لكل فرد بنك للأفكار التي يولدها ذهنه وتلك التي يجنيها من الآخرين، كأن يضع ملفا ورقيا أو إلكترونيا يجمع فيه شتات الأفكار لمشاريعه المستقبلية في الأسرة والعمل وغيرهما.

الفكرة لا تبرز أهميتها لحظة ولادتها بل لحظة الحاجة إليها، ومن هنا تأتي أهمية أن نودع أفكارنا في بنك أو ملف للأفكار المنزلية والوظيفية والمجتمعية التنموية.

[email protected]

* كاتب متخصص في الإدارة