جيل «X» السعودي

TT

السعودية بشكل عام بلد حديث، احتفل مؤخرا بمرور 81 عاما على وحدته في يومه الوطني.. وهي بالإضافة إلى ذلك الأمر تعتبر بلدا شابا، 60 في المائة من تعداد سكانه تحت الفئة العمرية البالغة 25 عاما. والحديث عن هذه «المجموعة» العددية في المجتمع السعودي كان يتم دوما التعاطي معه بالغموض وبالتبسيط، وفي أحيان أيضا بالاستهتار، لكن هذه المجموعة العمرية باتت أعداد كثيرة منها مجاميع فاعلة ومتحركة في مسائل كثيرة لا يمكن إغفالها.. ففي الشأن الثقافي هناك الكثير من الحراك الأدبي، من شعر ورواية وأفلام، يصدر بإبداعات أنتجتها مجموعات شبابية وحققت الانتشار الشعبي والتجاري اللافت. روايات أدبية مثل «بنات الرياض» و«الإرهابي 20» وغيرهما، وأفلام إبداعية مختلفة، لعل آخرها الذي نال نصيب الأسد من الثناء والإطراء وتناول مسألة شائكة ومعقدة وهي مشكلة السكن كان فيلم «مونوبولي» الذي تفاعل الناس معه بشكل لافت واستثنائي ووضع مشكلة بالغة الأهمية على طاولة النقاش المفتوح بشكل واضح وصريح.

أثر جيل الشباب الجديد على الكثير من الأنماط الاستهلاكية بالسوق السعودية، وأجبر الصناع والتجار ومقدمي كل أنواع الخدمات على إعادة النظر في منتجاتهم حتى تتلاءم مع رغباتهم. فاليوم بات الطلب على الوحدات السكنية (في حال توافرها طبعا) مغايرا لما كان عليه قديما، فالشاب أصبح يقبل بالشقق والوحدات الدبلكس الأقل والأصغر حجما عما كان يسكن فيه والده على سبيل المثال، وكذلك الأمر بالنسبة لوسيلة المواصلات، فالسيارة أصبحت أصغر حجما وأقل تكلفة وأفضل استهلاكا للوقود. نوعية الملابس تغيرت، سواء من ناحية التصميم أو الأقمشة، لتناسب مجال الأعمال والأذواق المتطورة. في مجال الإعلام الجديد أو الإعلام الاجتماعي كما يطلق عليه، فإن تأثير الشباب يبدو عظيما وفعالا في صناعة الأخبار ونقل المعلومات والانفراد بالحقيقة في الكثير من الأحيان، مما كون مجالا إعلاميا افتراضيا يلقى متابعة واهتماما أكثر بكثير من الإعلام التقليدي القديم، ولعل أهم ما يؤيد هذا القول هو متابعة إصدارات الأفلام الإخبارية الناجحة جدا مثل «على الطاير» و«لا يكثر» وغيرهما، وهي تلقى الاهتمام والتعليق والمتابعة بأعداد تبلغ مئات الآلاف، وهي أرقام مبهرة ويسيل لها اللعاب، وهو الأمر الذي أجبر شركات الاتصالات العملاقة على أن تدخل على الخط لتحظى برعاية هذه النوعية من البرامج لأنها باختصار تخاطب الشريحة المستقبلية المستهدفة لها.

الشباب أيضا يدخلون مجالات أعمال غير مسبوقة، ويقدمون منتجات فيها الكثير من الإبداع والروح الخلاقة، مع توظيف مهم للتقنية، والنقطة المهمة أن أعمالهم لا تعتمد على القطاع العام بل تركز بصورة أساسية على القطاع الخاص الصغير ولكن المتنامي مع ضرورة الاعتراف بالتجاهل التام والإنكار التام من قطاع البنوك لدعمهم الكافي والاهتمام بهم. وطبعا لا يمكن إغفال وجود هذا الجيل في العمل التطوعي بامتياز، وتفاعله وتعامله مع الأزمات الكبرى مثل سيول جدة وآثارها وتبعاتها الكارثية الإنسانية أو حالات إنسانية محدودة كمرض شخص أو عوز امرأة أو قضية حقوقية وغير ذلك من الأمثلة. جيل «X» السعودي يسهم في صنع خريطة جديدة للمستقبل السعودي، لكنه لا يزال مغيبا ومهمشا تماما، لكنه مع مرور الأيام سيضع بصمته بامتياز وتألق.

[email protected]