الدعايات الطبية الزائفة.. عملية الليزك مثالا

TT

تأخرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA كثيرا، ولكنها حسنا فعلت حينما رفعت نبرة الصوت في رسالتها لأطباء العيون الذين يقومن بإجراء عمليات تصحيح النظر من نوع «ليزك» LASIK، ووصلت فيها إلى حد القول لبعض هؤلاء الأطباء: لم يعد مقبولا تماديكم في الترويج لعمليات الليزك عبر نشر الادعاءات الطبية التي ثبت علميا زيفها على أرض الواقع حول أمان إجرائها ووعود درجة تحسين قدرات الإبصار.

ولا يقتصر موضوع الدعايات الطبية التجارية على عمليات تصحيح النظر، بل هناك العمليات المعدة لإنقاص الوزن وأنواع من عمليات التجميل وغيرها كثير.

الرسالة الأخيرة لإدارة الغذاء والدواء الأميركية دليل على أن الأوساط الطبية لا تقبل بأي حال ممارسة أي نوع من الخداع والتضليل لوسائل معالجة المرضى في الدعايات الإعلامية.

المتتبع لقضية الليزك خلال السنوات القليلة الماضية يرى بوضوح أن الإدارة لاحظت تكرار شكوى المرضى من عدم حصولهم على النتائج التي وعدهم بعض أطبائهم بها. وفي خلفية القصة يأتي التحذير الصادر في أواخر الشهر الماضي بعد تحذير سابق للإدارة صدر في مايو (أيار) 2009. والتحذير الجديد وصفته بعض المصادر أنه «إطلاق نار من مدفعين ضد الخداع المضلل» salvo against deceptive لمحتوى بعض دعايات الترويج. ووضع التحذير مهلة 90 يوميا فترة لإعادة صياغة محتوى دعايات ترويج هذه النوعية من عمليات تصحيح النظر بما يتوافق مع الحقائق العلمية لنتائج الدراسات الفعلية على المرضى. وإلا، كما قالت إريكا جيفرسون الناطقة الرسمية باسم الإدارة، سيتم اتخاذ الإجراءات النظامية بحق هؤلاء الأطباء المخالفين. وأضافت أن «الأمر يتعلق بالادعاءات الزائفة للترويج لها، وعدم الدقة في المعلومات التي تقال للمرضى حول مخاطر هذه العملية ومستوى نتائجها في قوة الإبصار».

هذا ولا تزال المصادر الطبية المحايدة والهيئات العامة المعنية بتنظيم الممارسات الطبية، تؤكد أن هناك مخاطر قد تتسبب فيها هذه العملية مثل فقدان قدرة الإبصار، وعدم نجاح ضبط درجة تصحيح النظر، مما يعني عدم الرؤية بشكل طبيعي بعد العملية، ومخاطر حصول جفاف العين والالتهابات الميكروبية والبهرجة والهالات في مجال الرؤية وازدواج رؤية الأشياء وغيرها. وهذه المخاطر، وإن كانت نسبة حصولها متدنية، إلا أنها لا تزال تحصل بالفعل، وللأسف لا تقال للمرضى بشكل جاد قبل العملية من قبل بعض الأطباء. كما أن عمليات الليزك لا تناسب كل إنسان يضع النظارة أو العدسات اللاصقة.

ووفق أسلوب وعبارات المخاطبة في الأوساط الطبية، تعتبر عبارات الإدارة من النوعية الشديدة اللهجة وتمس جانبا أخلاقيا يتضمن صراحة مصداقية الأطباء في إعطاء معلومات تمس حاجة المرضى إلى معرفتها بدقة وبعبارات واضحة لا تحتمل أي تأويل أو تضليل أو تزييف للحقائق، قبل الخضوع لهذه العملية. وإعطاء الإدارة تلك المهلة الزمنية القصيرة نسبيا، كاف للتعبير عن مدى ضيقها بما هو حاصل اليوم من ممارسات ودعايات بعض الأطباء في وسائل الإعلام عن نتائج هذه العمليات الجراحية.

والنقطة المهمة في الأمر برمته، أن عمليات تصحيح النظر تصنف بأنها «اختيارية»، وليست «إسعافية» لا مناص للخضوع لها لإنقاذ الحياة، أو «ضرورية» لا يوجد بديل لها. وتمس المخاطر التي ينبغي عدم الخداع فيها، احتمالات فقد قدرة الإبصار أو عدم الاستفادة ألبتة منها في تصحيح النظر والعودة إلى استخدام النظارة.

ولكن ما يلاحظ على إدارة الغذاء والدواء الأميركية، كما ذكرت بعض المصادر الطبية المحايدة بالولايات المتحدة، أنها «أحجمت» عن إعطاء أمثلة على الدعايات المضللة لممارسي إجراء عمليات الليزك. إلا أنه بالعودة إلى تقرير «وكالة التجارة الفيدرالية» بالولايات المتحدة U.S. Federal Trade Commission (FTC) في عام 2008، الذي كان الدافع الرئيسي للضغط على الإدارة كي تصدر تحذيرها في عام 2009، نجد عدة نقاط مهمة.. ومعلوم أن «وكالة التجارة الفيدرالية» هيئة حكومية مستقلة نشأت عام 1914 وتعنى برفع مستوى حماية المستهلك والحد من الممارسات التجارية الضارة بالمستهلكين. ومن تلك النقاط المنقولة بالنص من تقرير الوكالة:

* «إدعاءات غير ثابتة» Unproven claims. وذكرت على سبيل المثال القول بأن الدراسات الطبية تظهر أن الليزر الذي يستخدمه الطبيب «إكس» يعطي نتيجة قوة إبصار 20/20 لدى 85% من المرضى، يجب أن تدعمه بالفعل دراسات طبية فحصت تأثيرات ما يجريه الدكتور «إكس» على مرضاه. ولا يمكن الاعتماد فقط على عبارات وأقوال من مستهلكين راضين عن نتائج عمله كدليل على أمان ما يجريه من عمليات أو وسائل علاجية.

* «إغفالات مهمة» Important omissions. وبعض الدعايات الطبية تقول جزءا من الحقيقة، وليس الحقيقة كاملة. وعلى سبيل المثال، تدعي دعايات الليزك أن المصابين بقصر النظر سيرمون نظاراتهم بعيدا. وهذه عبارة خادعة من دون توضيح مرافق، ذلك أن نسبة مهمة من المرضى سيضطرون لاستخدام نظارات لتحسين مستوى الإبصار بعد العملية للقراءة أو في ظروف معينة مثل القيادة الليلية للسيارة.

* «إدعاءات الأمان التام» Claims of complete safety. وبعض الدعايات تقول إن العملية آمنة وثبت علميا ذلك، ولكن المستهلكين يجب إخبارهم أنه تحمل مخاطر مضاعفات تتطلب مناقشتها مع الطبيب.

* استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]