من الذي وقع على الأمر بقتل أنور العولقي؟

TT

من هو ديفيد بارون؟

تقول «ويكيبيديا» إنه قد يكون منتجا سينمائيا بريطانيا أو لاعب كرة قدم أو ممثلا أو ربما يكون كاتبا رياضيا. لكن محرك البحث «غوغل» يشير إلى أنه ربما يكون مصفف شعر في أطلانطا. لكن أيا من هذا لم يوافق صورة ديفيد بارون التي أحملها في مخيلتي. إنه الشخص الذي وقع الأمر بقتل أنور العولقي الشرير الذي لا يزال في الوقت ذاته مواطنا أميركيا. كان بارون محاميا حكوميا أميركيا.

ألم تسمع عنه مطلقا؟ ولا أنا أيضا. ولكن وفقا لتقارير نشرت، كان بارون واحدا من اثنين من محامين في مكتب المستشار القانوني لوزارة العدل - الآخر هو مارتن ليدرمان - أعدا في عام 2010 مذكرة تتألف من نحو 50 صفحة تجيز قانونيا قتل العولقي، على الرغم من كونه مواطنا أميركيا لم يدن بأكثر من مخالفة مرورية.

استخدام المنطق السليم؛ يبدو أنهما أكدا على أن العولقي - سواء ولد في الولايات المتحدة أم لا - كان مقاتلا عدوا، ويمكن أن يعامل على هذا النحو، وفي يوم الثلاثين من سبتمبر (أيلول)، قتل في هجوم بطائرة من دون طيار في اليمن.

وقد عبرت عن سعادتي الغامرة عندما سمعت الخبر، فقد كان العولقي خائنا لبلده وقيمه، وكان من كبار مجندي الانتحاريين الجدد لتنظيم القاعدة، وكان على اتصال بالمشتبه به في حادث إطلاق الرصاص في قاعدة فورت هود نضال مالك حسن، فضلا عن غيرها من المحاولات الإرهابية. كان العولقي لا يخجل من نشاطاته، ناهيك عن ولائه لـ«القاعدة»، والذي لم يكن موضع شك. على الرغم من ذلك كان هناك تساؤل، حول ما يجب فعله معه، فالدستور كان شديد الدقة في الإجراءات القانونية الواجبة، من الحق في محاكمته وما شابه. كانت جنسية العولقي الأميركية تزيد من تعقيد الأمور على الرغم من وجهة نظر البعض بأنها لا ينبغي أن تكون كذلك، فقد كان مقاتلا عدوا، واضحا وصريحا. كنا في حالة حرب واضحة وبسيطة؛ وهو ما يجيز قتله.

لكن وفقا لأولئك الذين شاهدوا مذكرة وزارة العدل، كانت هناك إشارة في المذكرة بأن هذه القضية لم تكن حالة واضحة وبسيطة، وقد قيل لنا إن السبب الذي خلصت إليه وزارة العدل والذي يسوغ قتل العولقي هو أنه كان في براري اليمن لا يمكن القبض عليه. ويبدو أنه كانت هناك بعض الاعتبارات لجنسيته، وإلا لماذا أزعجوا أنفسهم بعناء دراسة إمكانية اعتقاله؟ قتل نحو 2000 مسلح في غارات طائرات من دون طيار، لا لأنه لا توجد إمكانية للقبض عليهم، ولم يقتلوا لأنهم يستحقون القتل، بل لأنهم قد يقتلون خلال عملية اعتقالهم. ويرى المدعي العام السابق مايكل موكاسي في افتتاحية صحيفة «وول ستريت جورنال» أن هؤلاء المسلحين قتلوا لأن إدارة أوباما، استبعدت وسائل الاستجواب القاسية، وأنهم لم يكونوا ليشكلوا أهمية بالنسبة لها.

مذكرة وزارة العدل واعترافها بمواطنة العولقي دليل واضح على أن إدارة أوباما أدركت أنها تجاوزت الحدود، لكنها فعلت ذلك سرا.. مذكرة، لا تزال سرية، مكتوبة من قبل اثنين من المحامين لم أسمع بهما من قبل.

نحن نعيش في دولة بوليسية ناعمة، أقيمت للتصدي للإرهاب والجريمة. فالكاميرات تتابعنا، ورحلاتنا، ومشترياتنا مسجلة، وأجهزة الكومبيوتر والهواتف المحمولة تشي علينا، لا يوجد هناك الأخ الكبير الذي ابتكره جورج أورويل، بل عدد لا يحصى من هذه الأشياء الصغيرة وكلها تسعى للإيقاع بالأشرار، وأعتقد أن هذا أمر ضروري، على ما أظن، وسيتم استغلال ذلك، وأنا لا أفترض.

انتقد اتحاد الحريات المدنية الأميركية قتل العولقي، لكن حتى الآن، كان السياسي الوحيد الذي برز لانتقاد قتل العولقي النائب رون بول المرشح الجمهوري للرئاسة في إشارة مؤثرة إلى الدستور كما هو مكتوب، وقال: «ولد العولقي هنا؛ ومن ثم فهو مواطن أميركي، لم يحاكم أو توجه إليه تهمة في أي جريمة». بيد أن بول رفض اعتبار ذلك اعتراضا دستوريا.

لا أشارك بول سخطه، لكني أشاركه استياءه، فقد حدث شيء كبير وربما خطير سرا، وقد مورست سلطة الحكومة الأكثر رهبة - القتل - ضد أحد مواطنيها دون الاستفادة من المحاكمة. لقد قال رجل يدعى بارون وآخر اسمه ليدرمان إن العملية قانونية. ربما كان ذلك صحيحا، ولكن أريد بالتأكد أن يشرح لي المدعي العام أو الرئيس السبب في ذلك.

* خدمة «واشنطن بوست»