زواج المتعة لا متعة التزلج

TT

(الحماسة)، هل هي شيء محمود أم مرذول؟!

إن قلت عنها: إنها شيء مرذول، فسوف يهاجمني الكثير، وإن قلت عنها: إنها شيء محمود، فلا شك في أن نفسي هي أول من يهاجمني، لأنني شخصيا ابتليت بتلك الحماسة ما لم يبتل به أحد من بني آدم من قبل.

ولا أنسى أن أحدهم عندما زين لي يوما متعة التزلج على الثلج وسألني إن كنت قد جربت تلك المتعة قبل ذلك؟! فأجبته قائلا: إنني لم أجرب تلك المتعة، لأنني بصراحة أخاف من كلمة المتعة سواء بالتزلج أو بالزواج. فقال: لماذا أنت دائما هكذا تخلط الأمور بعضها ببعض مثلما تخلط الطماطم على الخيار على الخس في طبق (السلطة)؟! ما دخل متعة التزلج في زواج المتعة يا (بقم)؟! قلت له: آسف، ولكن قد يكون عقلي الباطن هو الذي تكلم بالنيابة عني، ولكن هات ما عندك. قال: اسمع يا بني آدم، أنصحك بأن تترك الخوف جانبا، وعليك أن تستحضر (الحماسة) فقط، وثق تماما بأن الأمور بعد ذلك سوف تسير (آخر السطا). سألته: يعني إيه آخر السطا؟! قال: يعني سوف تسير الأمور عال العال، وسوف تفتخر ساعتها أنت بنفسك.

بعدها توكلت على الله، وحسبت حسبتي وعددت ما في جيبي من نقود، واتصلت بإحدى الشركات السياحية التي من الممكن أن توصلني لأرخص منتجع تزلج على قمم جبال الألب، وهذا ما حصل بعد فاصل لا بأس به من (المكاسرة) التي لم تجد نفعا، لأن القوم هناك لديهم تسعيرة ثابتة لا تجدي معها ثقافة (حلقة سوق الخضار) عندنا.

شحنت مع من شحن في أحد الأتوبيسات، ونزلت مع من نزل في أحد (البنسيونات)، واتجهت في صباح اليوم التالي مع من اتجه لشراء أو استئجار لوازم التزلج من إحدى المحطات التي تقوم بذلك، كنت فعلا مثل أي خروف يتجه ويسير مثلما يسير القطيع، وركزت على إحدى الفتيات في مجموعتنا، لأنني توسمت فيها الخلق والنشاط والألمعية، فأخذت أطاردها بعيني وأفعل مثلما تفعل، واقتنيت مثلما اقتنت هي حذاء ومزلجة وعصيا، ومن حسن الحظ أو سوئه، وإذا بي أركب معها (بالمصادفة) جنبا إلى جنب صعودا (بالتلفريك) إلى قمة الجبل، وبعد أن وصلنا أخذ المدرب يشرح لنا خطة الحركة والنزول إلى أسفل، واكتشفت أن الجميع، وأغلبهم من الأوروبيين، ملمون ومتمرسون بتلك الرياضة، وكنت أنا الوحيد المبتدئ الجاهل، عندها تذكرت الفيلم القديم الذي عنوانه (بدوية في باريس)، ارتعبت كثيرا ولكنني عندما تذكرت قول ذلك الشخص بأن الحماسة هي التي سوف تجعلني أفتخر بنفسي، انطلقت برعونة بالغة مع من انطلق.

قد يعتقد البعض منكم أنني سقطت، لا والله أبدا، ولكنني من دون أي مبالغة كنت بين الحياة والموت من شدة الرعب، تجاوزت الجميع بمراحل، وكنت ساعتها ناسيا أهلي وكل من يمت لي بصلة، وأتمتم: (اللهم لا أسألك إلا عن نفسي)، أشهد أن لا إله إلا الله، إن الموت حق، ولا أدري إلى الآن كيف وصلت إلى النهاية سالما، إلى درجة أن المدرب سألني وهو يشك في قواي العقلية: هل سبق لك أن تدربت على التزلج؟!

لم أجبه، لأن قواي العضلية والعقلية ساعتها كانت خائرة وفي منتهى (الانحطاط).

وفي ثاني يوم حزمت حقائبي قائلا مثلما يقول البدوي: (إن عدتك يا مكة مكيني).

وكانت هي أول وآخر تجربة تزلج ومتعة حماسة، ويا عيني على زواج المتعة، لا شك في أنه أريح من متعة التزلج بمراحل، ومن لا يصدقني منكم فليجرب.

[email protected]