أول مباراة إياب مع إيران

TT

يقول المرشد الإيراني إن الغرب يسعى لبث ما سماه بـ«الإيرانوفوبيا»، أو معاداة إيران، والحقيقة أنه مع الكشف عن المخطط الإيراني لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، وردود الفعل الدولية، تكون هذه هي المرة الأولى التي يلعب بها المجتمع الدولي مباراة إياب مع طهران، وتقريبا منذ الثمانينات.

فكلام خامنئي عن «الإيرانوفوبيا»، وهو ما يردده بعض الجهلة بيننا اليوم، كلام غير صحيح، ودليل جهل، بل إن ما يحدث اليوم، وردود الفعل الدولية على المخطط الإيراني لاغتيال السفير السعودي، الذي قد يجلب إيران إلى مقصلة مجلس الأمن، هو المرة الأولى التي تشعر بها طهران بخطورة الضغط الدولي، وجديته.

فلأول مرة يلعب المجتمع الدولي مباراة إياب مع إيران، وإن كان المصطلح كرويا لكنه يشرح الكثير عن الحالة الدولية مع إيران، فمنذ عام 2005 وأنا أقول لكل من ألتقيهم من مسؤولين أميركيين، وسعوديين، وبعض العرب، إن مشكلتكم الرئيسية مع إيران أنكم لم تلعبوا معها على أرضها. فطهران تستغل إمكانياتكم، من خلال عملاء، أو حتى التحالف مع الأعداء مثل «القاعدة»، وتلعب على التقسيمات الإثنية والطائفية في منطقتكم، وتستغل القضية الفلسطينية، وتتحالف مع الإخوان المسلمين دون أن تجرب إيران - ولو مرة واحدة - أن يلعب معها خصومها على أرضها.

فالفسيفساء الإيرانية أكثر تعقيدا من لبنان مثلا، أو العراق، فعدد سكانها يفوق 70 مليون نسمة، وفيها السنة، وبالملايين، وبالطبع الشيعة، لكن بينهم عرب، وهم غير الفرس، ولديهم حقوق منقوصة، كما أن لديها الأكراد، والبلوش، وعرب الأحواز، وهناك أقليات دينية مثل البهائيين، والمندائيين، والزرادشتيين، واليارسانيين، واليهود، والمسيحيين، والتركمان، والأرمن. ورغم كل ذلك، ورغم التدخلات الإيرانية في منطقتنا، والدول الإسلامية، فإن أحدا لم يحاول مرة أن يقول لإيران إن من بيته من زجاج لا يقذف الناس بالحجارة!

إيران تتدخل في البحرين بحجة دعم الشيعة، بينما لا يوجد في طهران نفسها مسجد سني واحد! وتتدخل في العراق، حيث مرغت أنوف الأميركيين، وبمساعدة النظام الأسدي، وعبر «القاعدة»، ونظيراتها الشيعية. وقبل أسابيع قال لي مسؤول عراقي إن أشلاء جثث السنة تكنس بالرمل من قبل عمال النظافة، وليس السنة فحسب بل وحتى شرفاء الشيعة في العراق الذين لا يقبلون بتدخلات طهران، التي تفعل العجائب أيضا في لبنان، وهي من أسس حزب الله، المتهمون أعضاؤه بقتل الزعيم السني رفيق الحريري.

وطهران نفسها من تدعم بشار الأسد زعيم الأقلية التي تحكم الأكثرية في سوريا بالحديد والنار. لذا فلا غرابة أن يرفض مندوب النظام الأسدي في الجامعة العربية إدانة المخطط الإيراني الإرهابي لاغتيال السفير السعودي!

وهذا ليس كل شيء، فإيران تتدخل أيضا في اليمن من خلال الحوثيين، وتتدخل في الكويت، والسعودية، من خلال تفجيرات وتحريض، وآخر الأمثلة أحداث العوامية. وطهران هي التي تحتل الجزر الإماراتية، ووصل إرهابها إلى نيجيريا والسودان، من خلال تهريب الأسلحة. وهي، أي إيران، من دعم ويدعم «القاعدة»، منذ أواخر الثمانينات، ورغم كل ذلك لم تجرب إيران، ولو لمرة واحدة أن يلعب معها خصومها على أرضها، فمن يصدق ذلك؟