كيف يمسكون بالقلم؟!

TT

لا بد أن أعد لنفسي كوبا من الشاي.. وأرى أن إعداد الشاي هو نوع من الانشغال المؤقت.. أو هو نوع من التسخين للذهن قبل أن يعمل.. ولا أحب أن يكون الشاي بلا سكر.. ولا أحب أن يكون سكره واضحا.. فالمرارة الشديدة كالحلاوة الشديدة تفسدان ما في فمي أو في رأسي.. أو تشتتان طعما ما أحرص على أن يكون لفمي ولشفتي!

أو لعل التفكير يكون أيسر إذا توافرت شروط عديدة اعتدت عليها: الضوء والطعم ونعومة الورق وانسياب القلم والهدوء التام والفراغ الذي حولي وأمامي وأجلس بالبيجاما حافي القدمين قبل أن أكتب.

وكان السياسي البريطاني دزرائيلي يكتب وقد ارتدى ملابسه كاملة.

وأديب فرنسا غوستاف فلوبير كان يضيء البيت والحديقة حتى يخيل للناس أنه أقام وليمة فيقف الناس أمام الباب ليروا السادة الكبار الذين دعاهم.. ثم لا يجدون أحدا!

وربما كان أديب فرنسا بلزاك هو أكثر الأدباء إسرافا في شرب القهوة.. يشرب في الليلة مائة فنجان!!

وكان الشاعر الألماني شيلر يشرب القهوة بالشمبانيا! وكان الفيلسوف الإنجليزي هوبز يكتفي بشرب الماء البارد!

والفيلسوف الوجودي الفرنسي سارتر يكتب في المقاهي.. في أحد الأركان وأمامه زجاجة من النبيذ.

والأديب الأميركي فوكنر لا يفيق من الشراب في أثناء الكتابة!

وكان الأديب النرويجي إبسن يجلس للكتابة وقد وضع أمامه صورة للأديب ستراند برغ.. أبغض الشخصيات إليه.. وكان يقول: «أحب أن أراه مشنوقا على الحائط وأنا أكتب»!

وكان كاتب الأطفال أندرسن إذا جلس ليكتب فإنه يملأ قميصه بالصحف.. فقد كان نحيفا جدا.. ويضيق بهذه النحافة.. ولذلك كان حريصا على أن يبدو ممتلئا فإذا تحقق له هذا الشعور فإنه يسرع إلى الكتابة.. وكان إذا نام يخيل إلى من يقترب منه أنه ميت.. ولذلك كان يكتب ورقة إلى جوار سريره عليها هذه العبارة: «لست ميتا.. ولكن أبدو كذلك»!!

وقد عرفت الأديب أحمد حسن الزيات.. فقد كان رجلا أنيقا.. يرتدي ملابسه كاملة.. ويكتب على ورق صغير.. وكانت كلماته وحروفه والنقط فوق الحروف كلها واضحة.. وكان خطه صغيرا جدا!

ورأيت استأذنا عبد الرحمن بدوي يكتب على ورق متوسط وخطه جميل وحروفه واضحة كلها.. والنقط.. وكل علامات الترقيم.. وحتى عندما ينشر المخطوطات القديمة فإنه ينقلها بخطه هو بدلا من أن يكلف أحدا يفعل له ذلك!