معارضو طهران الذين وصموا بالشر دون وجه حق

TT

واشنطن - مع محاولة الولايات المتحدة وقف البرنامج النووي لإيران واستعدادها لسحب قواتها من العراق، يجب أن يتساءل الناخبون الأميركيون عن السبب الذي دفع إدارة أوباما للإذعان لإرادة ملالي طهران وحلفائها العراقيين بشأن قضية أساسية: مصير 3,400 عضو أعزل بالجماعة المعارضة الإيرانية المنفية، «مجاهدين خلق»، يعيشون في مخيم أشرف شمال بغداد.

وقد قتلت حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري كامل المالكي، الذي ينتمي للشيعة، أعضاء بجماعة «مجاهدين خلق» بشكل سافر. ويبرر المالكي هجماته بالإشارة إلى أن اسم الجماعة مدرج على قائمة الولايات المتحدة الرسمية الخاصة بالمنظمات الإرهابية الأجنبية.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، اقتحمت قوات عراقية مخيم أشرف وقتلت بالرصاص أو بالدهس بالمدرعات أكثر من 34 ساكنا وجرحت المئات. وقد منح المالكي مهلة لجماعة مجاهدي خلق حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل لإغلاق المخيم ونشر سكانه بأنحاء العراق.

ومن دون التدخل القوي من أميركا والأمم المتحدة لحماية سكان المخيم وصدور قرار عن وزارة الخارجية بإلغاء التسمية الرسمية لجماعة مجاهدين خلق كجماعة إرهابية، كان من المحتمل وقوع هجوم آخر أكبر على المجمع أو مذبحة يسقط ضحيتها كل سكانه في العراق.

ويعد هذا الموقف نتيجة مباشرة للمحاولة الخاطئة من جانب وزارة الخارجية لتقويض نشاط جماعة «مجاهدين خلق» بتسميتها منظمة إرهابية، بدءا من عام 1997. وفي ذلك الوقت، كنت مديرا لمكتب التحقيقات الفيدرالي. وخلصت إلى ذلك كان جزءا من خدعة سياسية عديمة الجدوى لتشجيع الحوار مع طهران. لم يكن هناك دليل منطقي حينها، ولم يظهر أي دليل منذ ذلك الحين، يثبت أن الجماعة تشكل أي تهديد للولايات المتحدة.

وعلى نحو مأساوي، فإن التسمية غير المبررة من قبل وزارة الخارجية الأميركية لجماعة «مجاهدين خلق» بأنها جماعة إرهابية يجعل أعداء الجماعة في طهران وبغداد يشعرون كما لو أنه مصرح لهم بارتكاب جرائم قتل وسحق بموجب ضمانات الحماية المكتوبة الممنوحة لسكان مجمع أشرف من قبل الولايات المتحدة. كما أن المحاكم الصورية في طهران تسعد بتسمية الجماعة بالإرهابية، لأنها تجدها ذريعة لاعتقال وتعذيب وقتل أي شخص يهدد نظام الملالي.

ومهما كانت الظروف، عادة ما تطلق وزارة الخارجية الأميركية تسميات مدفوعة بمبررات سياسية، لهذا لم يتم وضع الجيش الجمهوري الآيرلندي مطلقا على قائمة المنظمات الإرهابية (على الرغم من توصية إف بي آي). بالمثل، تمكن كل من جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر في العراق وشبكة حقاني الإرهابية في باكستان - اللذان أوديا بحياة كثير من الأميركيين - من الإفلات من الإدراج على القائمة.

أثناء عملي مديرا لـ«إف بي آي»، رفضت تخصيص موارد المكتب للتحقيق مع جماعة «مجاهدين خلق» لأنني استنتجت، بناء على الأدلة، أن التسمية لا أساس لها من الصحة وأن الجماعة لا تهدد الأمن الأميركي بأي صورة.

وعلى الرغم من ذلك، فإنني أعترض على إصرار وزارة الخارجية المدفوع بأسباب سياسية بأن يتوقف مكتب التحقيقات الفيدرالي عن أخذ بصمات المصارعين الإيرانيين، وارتداء عناصر استخباراتية زي رياضيين، حينما دعي المصارعون لأول مرة للحضور إلى الولايات المتحدة، في لفتة تنم عن حسن النية. وقد أجرى «إف بي آي» بالفعل محاولة باءت بالفشل لدفع إدارة كلينتون للتركيز على الخطر الذي تمثله قوات الحرس الثوري الإيراني، التي صدرت الإرهاب وارتكبت أو شاركت في تنظيم أعمال عنف ضد أميركا، من بينها تفجير أبراج الخبر في المملكة العربية السعودية عام 1996، الذي راح ضحيته 19 طيارا أميركيا. وعلمنا من النواب العامين الأميركيين يوم الثلاثاء الماضي أن وحدة من قوات الحرس الثوري خططت لاغتيال السفير السعودي في واشنطن.

يشير بعض النقاد لجماعة «مجاهدين خلق» على أنها فرقة خطيرة. لكن منذ أن تركت منصبي، قمت بمراجعة الحقائق بدقة وتوصلت إلى استنتاج مفاده أن جماعة «مجاهدين خلق» ليست جماعة إرهابية، وأنه يجب رفع اسمها من قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية على الفور. وقد توصل العديد من خبراء الإرهاب المثقفين المرموقين في العالم إلى الاستنتاج نفسه. (على الرغم من أنني تلقيت في بعض الأحيان رسوما للتحدث باسم جماعة مجاهدي خلق أو تمت تغطية نفقات سفري لإجراء تحقيقات في الأمر من قبل متعاطفين مع الجماعة، فإن تحليلي الموضوعي كمسؤول إنفاذ قوانين هو الأساس الوحيد الذي بنيت عليه استنتاجاتي).

وقد تصرفت بريطانيا والاتحاد الأوروبي بالفعل بناء على الأدلة، برفع اسم جماعة «مجاهدين خلق» من قوائم عقوباتهما، في عامي 2008 و2009 على التوالي. وذهبت المحكمة البريطانية التي تنظر في ملف جماعة «مجاهدين خلق» إلى حد وصف مسمى إرهابية بـ«المنحرف».

وترأس جماعة «مجاهدين خلق» الآن امرأة فصيحة اللسان وصاحبة شخصية ساحرة، هي مريم رجوي، التي تحظى بتأييد كبير داخل الحكومات الأوروبية. وفي عام 2001، أدانت جماعة «مجاهدين خلق» العنف وأوقفت الهجمات العسكرية ضد النظام الإيراني. وفي عام 2003، سلمت الجماعة أسلحتها طواعية للقوات الأميركية في العراق، وعملت منذ ذلك الحين على إمداد الولايات المتحدة بمعلومات استخباراتية قيمة تتعلق بالأسلحة النووية التي تمتلكها إيران. وبناء على التوجيهات العامة لوزارة الخارجية الأميركية، يجب رفع اسم الجماعة من قائمة المنظمات الإرهابية.

إلا أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والبيت الأبيض عرقلا إسقاط اسم الجماعة وحماية أعضائها في مخيم أشرف، على الرغم من المطالبات من الجانبين الجمهوري والديمقراطي باتخاذ إجراء في هذا الشأن.

وعلى نحو لا يصدق، مع وصول التزامنا بحماية سكان المخيم لمرحلة حرجة، لا تفعل وزارة الخارجية شيئا سوى الصمت والتأجيل. ما زالت وزيرة الخارجية «تنظر» في التسمية بعد قرابة 15 شهرا من إصدار محكمة الاستئناف في واشنطن حكمها بانتهاك الوزارة للقانون بعجزها عن اتخاذ أمر قضائي واجب النفاذ ضد «مجاهدين خلق» عند تسميتها جماعة إرهابية. ولم تذعن كلينتون لأمر المحكمة بتحديد «أي مصادر تعتبرها موثوق فيها بالدرجة الكافية» لتبرير هذه التسمية المخيفة. السبب واضح: لا توجد أي أدلة.

* مدير سابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) من 1993 إلى 2001

* خدمة «نيويورك تايمز»