خطورة شراء أسهم شركة مفلسة

TT

لا ألوم على المستثمرين اعتقادهم في وجود طريقة لتحقيق أرباح ضخمة. إن الناس يحاولون تحقيق أرباح بأي طريقة في البورصة التي بات الاضطراب هو المشهد المهيمن عليها، لكن لأن المستثمرين يمكن أن يكونوا جشعين، فمن اللازم إصدار تحذيرات لحمايتهم من تعدي حدود العقل. بعد إفلاس «وورلد كوم» و«كمارت» و«جنرال موتورز»، ظل المستثمرون يشترون ملايين الأسهم لهذه الشركات المتعثرة أملا في تحقيق أرباح بعد تعافيها من أزمة الإفلاس. وفي النهاية، ضاعت قيمة كل تلك الأسهم.

لا تستطيع الشركات تجاوز أزمة إفلاسها في أغلب الأحوال، حتى وإن تمكنت من ذلك، فسيتم تأسيس كيان جديد وإصدار أسهم جديدة مما يجعل الأسهم القديم عديمة القيمة. وهذا ما حدث لأسهم «بي بي ليكويديشن» التي كانت تعرف في السابق باسم «بلوكباستر».

وأصدرت هيئة تنظيم سوق المال يوم الاثنين الماضي تحذيرا للمستثمرين بعد أن بدأ بعض مروجي الأسهم ترويج إشاعات بعودة «بلوكباستر». العام الماضي، طلبت شركة تأجير الأفلام «بلوكباستر» التي كان لديها في يوم من الأيام آلاف المتاجر في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكان يتم تداول أسهمها في بورصة نيويورك، حمايتها من الإفلاس بموجب الفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس. وفي أبريل (نيسان) استحوذت «دي آي إس إتش نيتوورك» على كل أصول شركة «بلوكباستر» تقريبا، ومن ضمنها العلامة التجارية. لن يكون أي من الأسهم، التي تم أو سيتم الحصول عليها من اكتتاب عام، ملكا لـ«دي آي إس إتش»، أو لشركة «بلوكباستر» الجديدة وجود في البورصة. فعندما لا تستطيع الشركات تلبية المتطلبات اللازمة لوضع أسهمها على قائمة التداول في بورصة نيويورك أو ناسداك، يتم شطبها من القائمة. مع ذلك يمكن أن يظل تداول تلك الأسهم مستمرا على شاشة التداول داخل الأسواق غير الرسمية، وهو نظام إلكتروني خاص بالتداول بحسب آخر سعر للسهم، الذي يقدم معلومات عن السعر فضلا عن معلومات مالية أخرى عن الأسهم التي يتم تداولها في الأسواق غير الرسمية. وتحمل كل شركة مفلسة يتم تداول أسهمها في السوق غير الرسمية رمز حرف «كيو» ليكون ذلك بمثابة تحذير.

وصرحت شركة «بلوكباستر» القديمة في بيان صحافي في أبريل بأن أسهمها العادية من فئة «إيه» و«بي» التي كان يتم تداولها في الأسواق غير الرسمية تحت اسم «بي إل أو إيه كيو» و«بي إل أو بي كيو»، ستكون عديمة القيمة. وأوضحت الشركة: «لن يكون لحاملي الأسهم العادية نصيب في عملية التصفية بعد الإفلاس، حتى طبقا لأكثر السيناريوهات تفاؤلا». وطبقا للفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس، يحق لحاملي أسهم أي شركة تشهر إفلاسها بوجه عام الحصول على قيمة ما يمتلكونه من أسهم فقط في حالة تسديد الشركة لديونها بالكامل.

مع ذلك في الفترة الفاصلة بين 22 أغسطس (آب) و21 سبتمبر (أيلول)، كان سعر تداول أسهم شركة «بلوكباستر» القديمة يتراوح بين 6 و8 سنتات، وكان متوسط حجم تداول الأسهم اليومي 1.7 مليون سهم، على حد قول جيري والش، نائب رئيس هيئة تنظيم سوق المال لشؤون توعية المستثمر. وبلغ سعر السهم أعلى مستوياته خلال 52 أسبوعا في الفترة بين 22 و28 سبتمبر، حيث وصل إلى 38 سنتا. وبلغ متوسط حجم تداول الأسهم اليومي 37.4 مليون سهم. لقد كان حجم التداول كبيرا رغم تصريح شركة «بلوكباستر» في يوليو (تموز) في بيان مقدم إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة بأن التصفية ستتم بموجب الفصل السابع في قانون الإفلاس، وأن «في تلك المرحلة، وجود الشركة سينتهي والأسهم العادية والممتازة ستلغى».

ودفعت الزيادة الكبيرة في حجم التداول لجنة الأوراق المالية والبورصة إلى وقف التداول مؤقتا من 29 سبتمبر إلى 12 أكتوبر (تشرين الأول). وأشارت اللجنة إلى «بيانات صحافية من طرف ثالث إلى مستثمرين بشأن الوضع المالي الحالي للشركة ومستقبلها». وفي حالة شهرة الشركات، يروج الناس لأسهمها من خلال الرسائل الإخبارية ومواقع الإنترنت أملا في جذب المستثمرين غير المطلعين. وقالت والش إنه في حالة شركة «بلوكباستر»، أوضح تقرير على الإنترنت أن الشركة تعافت من أزمتها و«أصبحت الآن قصة واعدة بالعودة». وبمجرد ارتفاع سعر الأسهم، يتخلى المروجون عن أسهمهم ويحصلون على أرباح جيدة، بينما يتكبد المستثمرون السذج الخسائر.

وأضافت والش: «هذا ما يحدث عندما تحظى الشركة بشهرة كبيرة. عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة، يبحث الناس عن طرق للحصول على أكبر قدر ممكن من العائدات على الاستثمار. لذا يزعم المروجون لتلك الأسهم أنه ستكون هناك فرصة كبيرة لتحقيق أرباح هائلة بمجرد تعافي الشركة من أزمة إفلاسها».

وأوضحت والش أن شراء أسهم شركة أشهرت إفلاسها أملا في ارتفاع أسهمها في ما بعد يعد مقامرة تتضمن قدرا كبيرا من الخطورة. وقالت: «يريد الكثيرون تصديق قصة عودة الشركات إلى السوق مرة أخرى. إنهم يريدون تصديق أنه يمكن للمرء أن يصبح ثريا، لكن في الواقع لا يكون لدى الكثير من الشركات المفلسة أصول كثيرة أو لا يكون لديها أي أصول على الإطلاق حتى وإن تمكنت من الخروج من أزمة الإفلاس والعودة إلى السوق مرة أخرى».

وتوقفت الأسواق غير الرسمية عن عرض أسعار أسهم الشركات التي تحمل تصنيف «بي إل أو إيه كيو» و«بي إل أو بي كيو» ووضعت على أسهمها عبارة «الشراء على مسؤولية الشاري». ويوجد أعلى التحذير طابع يحمل صورة جمجمة وعظمتين.

* خدمة «واشنطن بوست»