70 غراما من الإسرائيلي

TT

الرسم الهادئ في «الهيرالد تريبيون» مرفق بتعليق يقول: إنه وفقا للحسابات في تبادل الأسرى، فإن لكل عربي 70 غراما من الإسرائيلي. واضح أن الرسام يسخر من هوائيات العرب ومن عجرفة إسرائيل وتكبرها. ولو انتظر يوما واحدا فقط لسمع السيد إسماعيل هنية يتحدث عن «العرس الوطني في غزة». وتعبير «العرس» كلمة شاع استخدامها أخيرا في كل المناسبات العربية التي لا مناسبة لها، فيكون استخدامها هنا في موقعه: لزوم ما لا يلزم.

تشكر دولة السجانين على خطوة نبيلة أخرى: فهي لم تضم مروان البرغوثي، كما أشيع، إلى الألف فلسطيني الذين وضعوا في حزمة واحدة لقاء جلعاد شاليط. ليس لأن النضال مراتب ومقامات. فأصغر مناضل هو أيضا شهادة على فظاعتين: الهزيمة العربية والجريمة الإسرائيلية. ولكن لأن مروان البرغوثي رمز من رموز النضال الوطني الفلسطيني، وقائد من قادة هذا النضال، ونتمنى أن لا يلف ذات يوم في صفقة يكون حجمه فيها زنة 70 غراما من المقابل الإسرائيلي.

كالعادة كانت رنة خطاب السيد هنية ما بعدها رنة. الفتحة مشددة والتنوين لا غبار عليه. لكن الرجل الذي يتحاشى الخطابيات كان ذلك اليوم في الإليزيه يقول لرئيس فرنسا إن القضية الفلسطينية ليست 70 غراما. وليست عرسا. بل هي مأساة بشرية من مآسي التاريخ الإنساني، ومن العيب على الدول الكبرى التي لا تزال تستنكر الهولوكوست أن تتخلى عن واجباتها حيال محرقة متسلسلة أخرى.

يتعين علينا أن نتأمل جيدا وفي هدوء وبلا انفعالات إذاعية، في أسلوبين: واحد تعتمده حماس وما أدى إليه، حيث أدى إلى شيء، وآخر التزمه محمود عباس وما حققه حتى الآن على الصعيد العالمي. وفيما نتأمل، يجب أن لا يغرب عن بالنا، أن جزءا من النضال الفلسطيني والمسؤولية الفلسطينية، هو التخفيف من آلام الفلسطينيين وتوسيع دربهم والعناية بأبنائهم وعجزتهم. النضال ليس إطلاقا رمي الفلسطينيين في العذاب والحصار والضيق وسوء المعيشة. كان أبو عمار يقول إن التحدي الأكبر أمامه هو تعليم الفلسطينيين. والتحدي الأكبر أمام هذه الأمة المحزنة هو أن لا يبقى الفلسطيني المناضل 70 غراما من الجندي المحتل. علينا أن نرفع أولا قيمة الإنسان في المواطن الفلسطيني. أما الصرف والنحو فيعرفهما محمود عباس أكثر من سواه. لقد بدأ حياته مدرسا.