هل أنا أشأم من (طويس)؟!

TT

هل تعلمون أن أول من فكر واقترح عمل نفق تحت الماء يصل ما بين فرنسا وإنجلترا هو رجل مغربي؟!.. إذا كنتم لا تعلمون فاعلموا الآن، واسم ذلك الرجل هو (إدريس الجعيدي السلوي)، الذي ذهب مع الوفد المرافق برئاسة (محمد الزبيدي الرباطي)، الذي بعثه السلطان (الحسن الأول)، وذلك في القرن التاسع عشر عام 1876، وزاروا كلا من فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وبريطانيا.

وخطرت تلك الفكرة على بال الجعيدي عندما كان راكبا السفينة وهم يقطعون بحر المانش عائدين من إنجلترا إلى فرنسا، فصادفتهم رياح عاتية وأمواج هائلة، أصابته بدوار البحر وانطرح على أرض السفينة بين الحياة والموت، ولا هم له إلا أن يتلو (الشهادة) - التي يقول إنه تلاها ألف مرة.

وعندما وصلوا سالمين كتب في مذكراته التي تحولت في ما بعد إلى كتاب من (400 صفحة)، هذا الاقتراح، وجاء في ما قاله بالحرف الواحد «حينما كانت الأمواج تتقاذف السفينة دعوت على هذا البحر أن يسلط الله عليه العفاريت الإنجليزية ليحفروا تحته طريقا دهليزية، يمر فيها الناس من تحته، ويزهدون في ركوب فراشه وتخته». ويقال إن كلامه هذا نقل إلى إحدى الصحف الإنجليزية، فعلقت على كلامه ساخرة على أساس أنه من تخريفات أهل الشرق.

والواقع أن الملكة (فيكتوريا) في ذلك الحين استشارت المهندسين في إمكانية ذلك، فأجمعوا أنه يعتبر من المستحيلات، نظرا لطول المسافة، واضطراب وتيارات البحر التي سوف تغرق وتطمس أي عمل.

وترك الموضوع وكاد ينسى إلى أواسط القرن العشرين، عندها تذكر الإنجليز (تخريفات) الجعيدي، فاستنهضوا عفاريتهم مع عفاريت الفرنسيين، ونفذوا المشروع، وانتهوا منه في عام 1994.

وكلما ركبت قطار (يورو ستار) من باريس إلى لندن أو العكس، تذكرت الجعيدي ابن (تطوان)، ولا أدري هل تلك الفكرة انبثقت من عبقريته، أم من دوار البحر الذي لعب برأسه، فخرج كلامه وكأنه (أضغاث أحلام)؟!

ولو كان لي من الأمر شيء لفرضت على إنجلترا وفرنسا أن يسموا هذا النفق باسم: (يورو الجعيدي).

ويحق لإخواني المغاربة أن يفخروا بابنهم أو جدهم الجعيدي.

* * *

بحكم أنني (أمون) عليه فقد اقتحمت عليه مكتبه من دون استئذان، وسلمت عليه فلم يرد علي لأنه كان مركزا نظره على شاشة التلفزيون ليتابع حركة (البورصة)، ولا أستبعد أنه كان يأمل في ارتفاع أسهم شركة ما، لكنها انحدرت إلى الحضيض، لأنه ضرب بقبضته على الطاولة، وقام من مكانه غاضبا وهو يقول: «إيش جابك عندي، والله إنك أشأم من (طويس)».

بعدها خرجت من عنده مكسورا، ولكن «أكلت» معي كلمته تلك، ولأنني لا أدري من هو طويس هذا فقد أخذت أبحث وأنقب حتى عثرت على ترجمة له، ويقال إنه ولد يوم وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وفطم يوم مات أبو بكر، وختن يوم قتل عمر، وتزوج يوم قتل عثمان، وولد له ولد يوم قتل علي، فتشاءموا منه.

غير أن ما عزاني أن طويس هذا كان إلى جانب شؤمه ظريفا يجيد النقر على الدف، وهو أول من أدخل الإيقاع على الغناء بالمدينة.

والحمد لله فإنني على الأقل أجيد النقر على الدف وعلى غير الدف كذلك، وسوف أحاول أن أتعلم الغناء والمواويل.

[email protected]