سلطان.. رحيل وانتقال

TT

السعوديون ودعوا ولي عهدهم الأمير سلطان بن عبد العزيز، عم الحزن البلاد منذ الإعلان الرسمي عن الوفاة وإن كان الخبر تسرب من قبل ذلك وانتشر عبر وسائل الاتصال والتواصل الحديثة المختلفة. الخبر أصابهم بالحزن وإن كان السعوديون يدركون أن هذا اليوم مقبل وهم يشاهدون ولي عهدهم في صراع مع المرض لمدة ليست بالقصيرة من الزمن، وآثار هذا الصراع تظهر بوضوح على وجه الرجل وعلى جسده مما أدى لاختفائه من الصورة لشهور طويلة، وهو الذي كان الشخصية صاحبة الحضور الكبير في مختلف شؤون البلاد الداخلية والخارجية، ولكن المرض كان أقوى، وأجل الله قد حل وفقدت السعودية شخصية محورية من الأمراء الكبار الذين كانت لهم بصمات وإسهامات في تكوين شكل مؤسسات الدولة السعودية الحالية، وكان معنيا بملفات محورية في مجالات مختلفة، مجالات كالعلاقات الثنائية بين السعودية ودول مثل اليمن وقطر والإمارات والبحرين والمغرب والجزائر ومصر، وكذلك كان له الدور الأهم في تطوير القوات المسلحة السعودية كما ونوعا، وتحسين البنية التحتية لها، وتطوير كوادرها بالتعليم والتدريب، وتنويع مصادر السلاح من أميركا وبريطانيا وفرنسا والصين، وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع الطيران الخاص في البلاد.

وعرف الراحل باهتمامه، الذي بات معروفا، بالعمل الخيري بشتى أشكاله، وكرس له مؤسسة كبيرة تحمل اسمه لتكريس هذا التوجه بشكل مؤسسي ومستدام. وكان لافتا جدا حجم الساحة الإخبارية العريضة والفورية التي لقيها خبر رحيل الأمير سلطان في وسائل الإعلام العالمية، وفي أروقة أهم العواصم الدولية، وعلى ألسنة قادتها، مما يعكس ثقل الرجل الراحل على الساحة السياسية العالمية، ومكانة المملكة العربية السعودية كدولة محورية مؤثرة. وأخذت التقارير الإخبارية تدرس وتحلل عن الفراغ الذي سيتركه، ومن الذي سيخلفه، وكيف سيتم اختيار ذلك، وعلى الرغم من أهمية هذه الأسئلة، فإن السعودية دوما ما تختار «اللامفاجأة»، والخط الآمن والمستقر، ولها إطار ثابت في السياسات لا يتبدل كثيرا وإن كان لكل عهد بصمته الواضحة.

على صعيد المرحلة المقبلة سينتظر السعوديون باهتمام رجال المرحلة المقبلة في بلادهم، فالمناصب التي كان يشغلها الأمير الراحل مهمة وليست فقط ولاية العهد، وبالتالي سيكون السعوديون على موعد مع ولي عهد جديد، ووزير دفاع جديد، وقد يكون هناك فصل لقطاع الطيران المتجه للخصخصة أصلا. قرار الملك ونتائج اجتماع هيئة البيعة المنتظر سيكون تجربة مهمة لهذا الجهاز المستحدث، الذي سيكون قراره بخصوص اختيار ولي العهد الجديد (وهي أول حالة من نوعها في تاريخ السعودية وبالتالي ستكون سابقة سياسية لافتة).

مرحلة سياسية ثرية انتهت برحيل الأمير سلطان، رحمه الله، ومرحلة جديدة ستبدأ ولكن لا بد أيضا من الاستشهاد بموقف الأمير سلمان الذي رافق أخاه طوال فترة المرض في مشهد مليء بالوفاء والولاء والحس المسؤول، وهي ثاني مرة يتابع السعوديون أميرهم سلمان في نفس المقام، وهو الذي سبق أن قام بنفس الشيء مع الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، وبات مضربا للمثل. نسأل الله أن يرحم سلطان بن عبد العزيز، ويوفق ولي العهد السعودي الجديد في مهامه ومسؤولياته. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».

[email protected]