السعودية: وداع حار.. وترتيبات

TT

وسط خضم التقلبات العربية الحالية والأعاصير التي تحيط بالكثير من دولها، كان مثيرا للانتباه في الأوساط الدولية والصحافة العالمية رصدها لحالة الحزن العام والترحم والأسف التي صاحبت خبر رحيل ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وتعليقات رجال الدولة في مختلف دول العالم، الذين تحدثوا عن مناقب الفقيد ودوره كرجل دولة.

فإذا كانت السيرة العطرة هي التي يتمنى أي إنسان أن يتذكره الناس بها بعد وفاته، فإن حسن خاتمة أي شخصية عامة أو رجل دولة مسؤول يتمثل في التكريم والحب اللذين يحظى بهما من شعبه والأوساط الدولية والإقليمية وتذكر مآثره، وهو ما بدا واضحا في ردود الفعل الشعبية في السعودية على خبر وفاة الأمير سلطان، الذي اشتهر بأعمال الخير ورعاية الجمعيات الخيرية والإنسانية المختلفة.

وقد كان هذا التقدير والتكريم واضحا من خلال تعليقات الناس العاديين على مواقع التواصل الاجتماعي، التي عادة بحكم طبيعتها الشعبوية تكون أكثر حرية في تعليقاتها من الوسائل العادية. أما تكهنات هذه الوسائل الاجتماعية للتواصل فإن الكثير منها أقرب إلى الشائعات منها إلى الحقائق.

ردود الفعل الدولية والإقليمية والمشاركة الكبيرة من وفود خارجية من مختلف أنحاء العالم تعكس مكانة رجل الدولة وعلاقاته العربية والدولية بحكم المسيرة الطويلة، سواء على صعيد العلاقات العربية أو المصالح السعودية على المستوى الدولي، وكذلك الثقل الإقليمي والدولي للدولة التي كان أحد أعمدة الحكم فيها لفترة طويلة.

من الطبيعي أن يصاحب رحيل ولي العهد، وفي دولة أصبحت، خاصة في العقود الأخيرة، أحد أركان الاستقرار الإقليمي، وتلعب دورا حيويا في السياسة والاقتصاد الدولي، حالة ترقب دوليا وإقليميا لعملية ترتيبات ما بعد رحيل ولي العهد أو الرجل الثاني في سلم القيادة، وهو ما كان ملاحظا في تقارير وتغطيات معظم وسائل الإعلام العالمية والغربية، خاصة انتظارا لما سيتم حتى لو كانت خريطة الطريق واضحة من استقراء الترتيبات التي أجريت منذ سنوات فيما يتعلق بالتنظيمات الداخلية.

أيضا طبيعي أن يكون حجم الاهتمام استثنائيا ومضاعفا عما حدث في المرات السابقة حينما كانت تغيب شخصية كبيرة أو تجري تغييرات القيادة، وذلك بسبب الظروف الحالية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط التي دخلت في حالة عدم يقين وغموض بشأن مسار المستقبل بعد الثورات والانتفاضات التي تلاحقت منذ بداية العام ووضعت الكثير من الدول المحورية فيها في مفترق طرق لم تتضح ملامحه بعدُ. ويعتبر الاستقرار في السعودية خاصة ومنطقة الخليج عامة صمام أمان حاليا تجاه الدخول في حالة شاملة لحالة غموض للمنطقة كلها. الانطباع العام الذي تعطيه التقارير الدولية في وسائل الإعلام وغيرها أن هناك حالة ثقة في استمرارية الاستقرار وعدم وجود مبررات للقلق.