زحمة!

TT

يحتفل كوكب الأرض والعالم القاطن عليه هذه الأيام ببلوغ تعداد السكان عليه 7 مليارات نسمة، وهو رقم أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه كبير ومقلق؛ لأن نسبة النمو هذه المرة سبقت كل التقديرات والتوقعات حتى بلغت هذا المستوى. وهذا سوف يعني أن هناك ضغوطا هائلة سوف تتكوَّن وتتزايد على الموارد الطبيعية لتلبية الاحتياجات البشرية والمتطلبات المتزايدة.

من الطبيعي أن يكون التركيز الأبرز على موارد الطاقة لمعرفة مواقعها من نفط وفحم وغاز، والصراع على منابعها ومواقعها سيكون مستمرا وموجها لسياسات القوى العظمى التي تدرك أنه بالسيطرة على مراكز وقوع هذه المصادر تكون السيطرة على الاقتصاد العالمي ممكنة أكثر، لكن مصادر الطاقة محدودة وغير متجددة بما يليق مع الطلب المتزايد؛ لذلك سيكون ضغط هائل على تطوير الطاقات البديلة بشكل سريع وقوي واقتصادي ليغطي الاحتياج.

ولن يكون غريبا أن نرى «انتشار» الطاقة النووية السلمية، ولا الطاقة الشمسية ولا الطاقة الهوائية، سنبدأ نرى «قوانين» عالمية تضع شروطا ونسبا مطلوبة من الدول لاستخدام الطاقة البديلة فيها كنوع من الحماية البيئية، وهو الذي يفسر الانتشار الكبير والتدريجي للسيارات الهجينة وللطائرات المعدلة مثل البيونغ الحلم 787، التي توفر 30% من استهلاك الوقود العادي، وشركة «جنرال موتور» أعلنت أنها تمكنت من اختراع سيارة تسير 500 ميل على غالون واحد من البنزين، إلا أنها لا تزال بحاجة للوقت لكي تطور النموذج بشكل اقتصادي، لكن الغرب والدول الصناعية لا تزال الملوث الأكبر للبيئة، وبينما يفتخر الغرب بقدرته المتطورة على إعادة تدوير المياه والبلاستيك والزجاج والورق والألمنيوم والمطاط والزيت، ويتجه الغرب الصناعي إلى معاقبة دول العالم الثالث التي لا تحد من ظاهرة النفايات بإعادة التدوير، يمارس الغرب سطوته بالاعتداء على محاصيل الشعير والقمح والذرة وتحويل بعض منها لزيوت قابلة للاستخدام في طاقة تشغيل السيارات لإرضاء شهواته الصناعية غير آبه بالمجاعات والاحتياجات الغذائية في الدول الفقيرة.. ذلك كله ولم نتحدث بعدُ عن المياه وتحدياتها.

مصادر المياه قلت، وأنهار وبحيرات العالم الكبرى تجف، لكن هناك ضغوطا متزايدة على دول معينة لها نصيب من المياه يفوق احتياجاتها مثل روسيا وكندا والأرجنتين وأوغندا وغيرها، وستزيد الضغوط على هذه الدول لإجبارها على «تصدير» بعض حصصها في منابع المياه؛ لأن البديل سيكون حروبا هائلة، لكن هذا الشح في مصادر المياه سيكون مصدر ضغط كبير على وسائل تطوير صناعات الري الزراعي، وكذلك صناعة مياه الشرب، مما سيعني أن بعض الدول قد تتجه لتقنين استهلاك المياه بالحصص المحددة منعا لتفاقم الأزمات. وهذا سيكون له أثر بليغ على ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشتى أشكالها العضوية وغير العضوية، مما سيضيف تحديا لصناعة الزراعة لتطوير الرقعة الزراعية وتكبير أحجام المنتجات بنفس القدرات المائية المحدودة.

العالم مقبل على شكل جديد من «الزحام» على الموارد، وسيكون ذلك كله مصدرا للقلق والمتاعب من دون استعداد وجاهزية للتعامل معها سيكون الثمن باهظا جدا.

[email protected]