بصمة الحضور والانصراف

TT

إن صح ما أعلنته أمس صحيفة «الجريدة» من أن الكويت تتجه نحو الإعلان عن إعفاء 50 وظيفة حكومية إشرافية من نظام البصمة الصارم في الحضور والانصراف، فإن هذا النظام يتماشى مع ما هو معمول به في مؤسسات عالمية كثيرة.

نظام البصمة هذا قد أثار ضجة كبيرة، وجاء من ضمن مطالب بعض المضربين عن العمل في الكويت، في أثناء الموجة العارمة وغير المسبوقة من الإضرابات التي تجتاح البلاد، وقد شلت مرافق حساسة منها مطارها الدولي الوحيد وموانئها ونقاطها الحدودية وعدد من الوزارات.

المنطق يقول إنه لا بد أن يكون هناك نظام يضبط سلوك الناس في الحضور والانصراف حتى لا تتعطل مصالح الآخرين. لكن أي نظام هو الأفضل؟ الإجابة هي أن أصحاب العمل هم أدرى بموظفيهم، وعليه يتوقع منهم البحث عن الحلول واختيار أنسبها.

من هذه الحلول مثلا البصمة، لكنها بشكلها الحالي الذي لا يتهاون مع التأخير ربما يدفع الموظف إلى معاملة منظمته بالمثل، فيتعمد الانصراف من عمله فور ما يحين موعد الانصراف حتى وإن كانت هناك حاجة ماسة لمكوثه لساعات أطول أحيانا.

هناك حلول أخرى مثل البطاقة الممغنطة أو الساعة الميقاتية أو كشف الحضور والانصراف، لكن جميعها لا بد أن يراعي أن للموظف حاجات يحتاج أن يقضيها خارج ساعات العمل، وأن إنجازها يشعره بالراحة ويدفعه لمزيد من الإنتاج. ولذا فإن أحد الحلول هو ما يسمى بساعات العمل المرنة (Flex. Working Hours)، بحيث يسمح للموظف أن يتأخر بحد أقصى ساعتين، لكنه يجب أن يقضيهما في نهاية اليوم. هذه الطريقة لها عيوب ومميزات.

ومن الطرق الجيدة والأكثر انتشارا هي منح الموظف، حسب مستواه الوظيفي، عدد ساعات معينة تشمل الاستئذان والتأخر والانصراف المبكر، مثل 4 ساعات للوظائف الدنيا، ثم 7 ساعات للوسطى، و10 ساعات للعليا طوال الشهر. وإذا ما تجاوز الموظف حصته فعليه أن يتوقع حصوله على تنبيه بالبريد الإلكتروني مثلا أو رسالة مطبوعة. وإذا كررها تبدأ عملية الخصم من الراتب. ميزة هذه الطريقة أنها تشعر الموظف بأن ترقيه في السلم الوظيفي يمنحه امتيازات أكثر، فيصبر على وضعه الحالي حتى يصعد لمنصب إشرافي أعلى. كما أنها ترفع الحرج عن المدير الذي تأتيه شهريا، وفي نهاية العام تقارير دورية شاملة توضح الإجراءات التي اتخذتها إدارة الشؤون الإدارية.

أحيانا لا تحبذ بعض المنظمات الصغرى وحتى الكبرى تطبيق نظام صارم في الحضور والانصراف وتلجأ إلى علاج كل حالة على حدة، كأن تعقد اجتماعا صباحيا كل يومين، مثلا، بعد نصف ساعة من موعد بدء الدوام حتى يشعر الموظف المدمن على التأخير بالحرج من مديره وزملائه الذين ينتظرونه بفارغ الصبر في غرفة الاجتماعات!

الأصل ألا يشغل الموظف نفسه بوضع بصمته في سجل الحضور والانصراف، بل أن يكون شغله الشاغل هو وضع بصمته في عمل يشهد له القاصي والداني في المنظمة.

[email protected]