اتهموني بالارهاب وطالبوني بالعودة إلى بلادي!

TT

في بعض الاحيان يبدو الأمر وكأننا نعيش على الحافة. فجراح الحادي عشر من سبتمبر ما زالت مفتوحة، والذعر من الانثراكس يستمر على التزايد، ويحذر قادة البلاد، الآن، من تهديدات جدية بهجمات ارهابية جديدة.

واذا لم يكن هذا كافياً، فقد أقر الكونغرس وصادق الرئيس على مشروع قانون جديد ضد الارهاب يطرح تهديدات كبيرة للحريات المدنية، ويناقش بعض المسؤولين في هيئات مراقبة وتنفيذ القوانين اشكالاً جديدة من تدوين المعلومات الاثنية عن الاشخاص. ويعرض كل من مشروع القانون والاستخدام المتجدد لتدوين المعلومات الى الخطر الجدي حقوق الامريكيين العرب والمقيمين العرب في الولايات المتحدة.

وبينما كنا نأمل التوصل الى نهاية لحركة التراجع التي اصابت الامريكيين العرب والمسلمين في اعقاب الهجمات الارهابية، نواجه الآن مخاطر جديدة، ويجري تذكيرنا بان الكراهية لم تنته وانما اصبحت تحت السطح على نحو مؤقت.

وقد جرى تذكيري بهذا الأمر الاسبوع الماضي، عندما شاركت في امسيتين متتاليتين احد اعضاء الكونغرس المحافظين في مناقشة تلفزيونية على محطة (سي إن إن) حول قضية تدوين المعلومات في المطارات.

وهذه القضية قديمة: هل ينبغي السماح لموظفي امن الخطوط الجوية بتمييز العرب لاغراض التفتيش الخاص والاجراءات الأمنية قبل السماح لهم بالصعود الى الطائرة؟

وكان عضو الكونغرس الذي دخلت معه في المناظرة حاداً في دفاعه عن هذه الممارسة. فقد اشار الى ان ارهابيي الحادي عشر من سبتمبر كانوا كلهم من العرب، كما هو حال الاشخاص الـ120 الذين ضمتهم لائحة مراقبة الارهابيين التي اصدرتها وزارة العدل. واستنتج قائلا «نعم بالطبع، يجب علينا تمييز العرب».

وقد عبرت بوضوح عن اختلافي معه في الرأي، مشيراً الى ان ممارسة طلب المعلومات العرقية والاثنية ممارسة تؤكد التمييز والتطبيق السيئ للقوانين. واضفت ان مهمة مراقبة تنفيذ القوانين تتحدد في ضمان امن الطائرة وكل ما هو موجود على متنها. واذا ما اتبعت الاجراءات ـ اغلاق مقصورة قيادة الطائرة، وتفتيش الامتعة، وتفتيش المسافرين لمعرفة ما اذا كانوا يحملون اسلحة، ووجود حرس مسلحين على متن الطائرة لحمايتها ـ فانه لن تكون هناك حاجة لتمييز او اذلال اي مجموعة معينة من المسافرين.

وبسبب وجود تركيز على المسافرين العرب، ارتكبت اخطاء كثيرة كان ضحيتها كثير من الناس الابرياء. وقد اشرت الى مثال عضو الكونغرس الجمهوري، الامريكي العربي، الذي رفض السماح له بالسفر، قبل ثلاثة اسابيع، بسبب لقبه العربي ليس إلا. وقدمت امثلة عما حدث مؤخراً من تمييز ناجم عن طلب المعلومات المذكور: حالتان رفض فيهما طيار الطيران مع مسافرين يحملون لقب محمد في الدرجة الاولى، وحالتان اخريان مستقلتان انزل فيهما مسافرون من اصل اسباني وجنوب اسيوي من الطائرة بسبب الاعتقاد بانهم عرب.

وفي كل حالة من الحالات المذكورة، وحالات كثيرة اخرى اثبت طلب المعلومات الاثنية انه غير فعال، ويكشف عن التمييز، ويسبب الاذى.

هل يمكن ان يكون الانتماء الاثني، شرعياً، جزءاً من خلاصة حياة شخص معين؟ بالطبع يمكن ذلك. ولكن في كثير من الحالات يستخدم باعتباره الشيء الوحيد في صورة الشخص، وهذا عندما يكون تدوين المعلومات عن صورة الشخص وخلاصة حياته خاطئاً.

ولم يكن ما أقلقني حدة عضو الكونغرس وانما فيض الرسائل الالكترونية المليئة بالكراهية التي تلقيتها خلال يومي المناظرة التلفزيونية. فقد سميت «خائناً» و«ارهابياً»، وطلب مني الذهاب الى بلادي (وهي الولايات المتحدة طالما انني ولدت هنا)، وجرت السخرية مني باعتباري «كاره امريكا».

وعندما نشر عدد من الصحف الامريكية البارزة، في الوقت نفسه، قصة استشهدت باشارتي الى انه من المستحسن ان تتشاور الولايات المتحدة مع حلفائها من العرب والمسلمين قبل ان تقرر الاستمرار في قصفها افغانستان خلال شهر رمضان، تلقى مكتبي المزيد من بريد الكراهية.

وما تعلمته من هاتين القصتين هو انه بينما خمدت احداث جرائم الكراهية، فان الكراهية ما تزال قائمة ومستعدة لان تطل برأسها عند ابسط استفزاز.

وكنت اخشى من عدم نضج افتراضي بان رد الفعل السلبي قد تراجع.

والقضية الاخرى، وهي الاكثر خطورة من رد الفعل السلبي، هي السلوك الاخير وخطاب هيئات مراقبة تنفيذ القوانين الفيدرالية. فقد تحدث المدعي العام مرتين عن اعتزامه اعتقال من يدعمون الارهاب. ووفقاً لما ذكره مسؤولون في الهيئات القانونية فان عدد «المعتقلين أو المحتجازين» تجاوز 1100 شخص، ويتزايد كل يوم على نحو سريع.

ان قانون مكافحة الارهاب الجديد يمنح هيئات مراقبة تنفيذ القوانين سلطات جديدة غير مسبوقة بل وخطرة لـ: ـ اعتقال واحتجاز المشتبه فيهم لفترة غير محددة من الوقت، بدون توفير حماية تقليدية في اطار العملية القانونية (أي لا حاجة لتقديم دليل، ولاحق في الدفاع).

ـ القيام بعمليات تفتيش وتقص سرية.

ـ مراقبة الهواتف (بدون مبرر محتمل).

وكانت نتيجة هذا تزايد عدد حالات الاعتقال. وما هو مقلق وغير واضح هو «من هؤلاء الـ 1100 شخص؟»، و«لماذا يستمر اعتقالهم؟». وقد وجهت هذه الاسئلة مباشرة الى المدعي العام، مطالباً اياه بتقديم تفاصيل اكثر للامريكيين. ويشعر كثير من مناصري الحريات المدنية ان الأغلبية العظمى من اولئك المحتجزين لا علاقة لهم بالتحقيق في الارهاب. فنحن نعتقد ان معظمهم مجرد اشخاص جرى ايقاعهم في شرك الشبكة الواسعة التي نصبتها هيئات مراقبة تنفيذ القوانين. وربما كان بعضهم مذنباً في تجاوز فترة تأشيرة الدخول، بينما احتجز البعض الآخر، بدون توجيه اتهامات، في انتظار اجراء التحقيق معهم.

ولم تهدأ مخاوفي عندما تحدث المدعي العام الاسبوع الماضي حول هذا التحقيق، وقال:

«اننا نحذر الارهابيين الموجودين بيننا: اذا تجاوزتم تأشيرة الدخول ـ حتى ولو ليوم واحد ـ سنعتقلكم. واذا انتهكتم القانون المحلي فسنودعكم السجن لاطول فترة ممكنة. وفي الحرب ضد الارهاب فان وزارة العدل ستعتقل وتحتجز اي ارهابي مشتبه فيه قام بانتهاك القانون. وهدفنا الوحيد هو منع الهجمات الارهابية عن طريق ابعاد الارهابيين عن الشارع. واذا ما وجدنا ان المشتبه فيهم لا علاقة لهم بالارهاب، او لم ينتهكوا القانون فسنطلق سراحهم. غير ان الارهابيين الذين ينتهكون القانون ستجري ادانتهم، وفي بعض الحالات ترحيلهم، وفي كل الاحوال منعهم من اقتراف المزيد من الاذى للامريكيين».

وبالمزج بين منتهكي شروط تأشيرة الدخول والمشتبه في صلاحيتهم بالارهاب، والاخفاق في التمييز بين الاثنين، فان الانطباع الذي يتولد لدى المرء هو ان لا فرق بين الاثنين.

وما هو مقلق هنا، حقاً، هو انه بعد ستة اسابيع من ابلاغ الامريكيين بضرورة عدم التعامل مع العرب والمسلمين باعتبارهم مشتبهاً فيهم، فان ممارسات تدوين الخلاصة الشخصية وعمليات الاحتجاز الواسعة توجه رسالة معاكسة تماماً.

ومن الطبيعي ان اسرع في ان اضيف هنا الموقف الذي ابديته قبل اسابيع عندما اشرت الى مشاعر الغضب التي استبدت بي تجاه الارهابيين الذين اقترفوا مجازر الحادي عشر من سبتمبر، واولئك الذين ربما ما زالوا في الولايات المتحدة ويعتزمون اقتراف المزيد من اعمال القتل الشنيعة. فهؤلاء هم الذين خلقوا الخوف وادخلونا في وضع محفوف بالمخاطر. ولكننا عندما نقول هذا، نشير الى انه من الاهمية الحاسمة ألا نسمح لهيئات مراقبة تنفيذ القوانين في ان تقع في شرك اضطهاد جزء من الجالية العربية الامريكية وهي تحاول البحث عن مجموعة صغيرة من مرتكبي الشر.

نحن في فترة محفوفة بالمخاطر. وهذا الوضع يمكن ان يشهد تدهوراً قبل ان يتحسن. فما زال العرب الامريكيون يشعرون باحترام كبير للارادة الطيبة الهائلة للاغلبية العظمى من المواطنين الامريكيين. لكننا نواجه تحدياً شاقاً. ويجب علينا ان نعبر بوضوح عن مقتنا بالمطلق للارهاب. كما يجب علينا، في الوقت ذاته، ان نكافح دفاعاً عن حقوقنا التي يضمنها الدستور ضد المخاطر المستمرة ضد التراجعات وردود الفعل السلبية العنيفة التي يمكن ان تظهر عندما نرفع اصواتنا احتجاجاً على السياسات الخاطئة التي نعرف انها تهدد باضعاف بلادنا سواء في الداخل او في الخارج.

[email protected] http://www.aaiusa.org.