كيف تنشب الحروب؟!

TT

الحروب وما أدراكم ما الحروب؟!

هل تعلمون أن البشرية في تاريخها المكتوب أو الموثق لم تنعم طوال آلاف الأعوام بعام واحد لم تسفك فيه دماء؟!

ويبدو لي أن هذا هو قدر البشرية، وأن الدم ما هو إلاّ وقود يحرك مفاصلها للاندفاع أكثر، وقد خلب هذا المنطق المقلوب لب الفيلسوف المجنون (نيتشه)، لهذا توقع أن يتشكل الإنسان (السوبرمان) عبر شلالات المخاطر. وأسباب الحروب أو المعارك تتراوح من الجوهرية جدا إلى التافهة جدا، ومن طوفان يكتسح في طريقه الملايين، إلى خربشة أظافر وتمزيق ملابس وبصق في الوجوه.. ولكنها كلها في النهاية تعتبر (معارك). ومعركة (داحس والغبراء) التي استمرت 40 عاما حدثت بسبب رهان على سباق بين فرسين.

والحروب التي حصلت في القرن الرابع عشر بين (بولونيا ومورينا) اشتعلت بسبب (جردل) - أي دلو ماء -، واندلعت بينهما وظلت مستعرة على مدى اثني عشر عاما، خربت فيها مدن عديدة، وأُزهق فيها كثير من الأرواح. بل إن بعض المعارك المضحكة في عصرنا الحديث، اشتعلت بين أكثر من دولة أفريقية، وأكثر من دولة جنوب أميركية، بسبب (كرة القدم)، وبدلا من أن تكون المعارك بين دولتين سلاحها الأقدام وهدفها هي الكرة والمرمى، تحولت تلك المباريات واستبدلت أقدام اللاعبين بالدبابات والطيارات وراجمات الصواريخ. والذي دفع أميركا لدخول الحرب العالمية الأولى هي رسالة بعث بها وزير خارجية ألمانيا لوزير خارجية المكسيك، واستطاعت الاستخبارات أن تعرف فحواها التي جاء فيها:

«اعتزمنا أن نبدأ في أول فبراير حرب الغواصات، دون مراعاة لأي قيد أو ظرف. على أننا رغم ذلك نود أن نستبقى حياد الولايات المتحدة الأميركية.. فإذا لم ينجح مسعانا، فإننا نرى أن نقترح التحالف معكم على أن ندخل الحرب معا، وأن نعقد الصلح معا.. وسنقدم إليكم معونة مالية شاملة، كما أن من المفروض أن للمكسيك أن تسترد أراضيها التي فقدتها في (نيومكسيكو)، و(تكساس)، و(أريزونا).. وسندع لك الحرية في وضع تفصيلات الاتفاق. لذلك فعليك أن تفاتح رئيس جمهورية المكسيك فيما بينته لك بأسرع ما يمكن، وفي تكتم تام، إذ إننا نعتقد أن الحرب بيننا وبين الولايات المتحدة لن تلبث أن تنشب.. ونقترح على الرئيس المكسيكي أن يتصل من ناحيته باليابان، ويعرض عليها الانضمام إلى الاتفاق في الحال، متوليا الوساطة بين ألمانيا واليابان..»، والكل يعلم متى توقفت الحرب بعد خمس سنوات، توقفت بعد أن حصدت أكثر من (50 مليون) إنسان. أما المعركة التي أعجبتني وأود أن أختم بها مقالي اليوم، فهي معركة حصلت بسبب (شبشب) - أي والله شبشب أعزكم الله -، وذلك في محافظة أسيوط في مصر. ووفق ما جاء في جريدة «الأخبار» المصرية، أن: شرارة الأحداث بدأت عندما حاول شخص شراء الشبشب من أحد الباعة، واختلفا في السعر، مما حدا بالشاري أن يطعن البائع ويهرب بغنيمته، ولحق به أهل البائع وضربوه وحطموا أسنانه واستردوا الشبشب، واستجار الشاري بأقاربه الذين هبوا لنجدته جماعات وقاموا بإطلاق الرصاص عشوائيا، واستطاعوا أن ينتزعوا الشبشب من خصومهم مرة ثانية، غير أنه نتج من جراء ذلك أن أصيب في قدمه رجل عجوز عابر سبيل ليس له (لا في العير ولا الطحين ولا الشبشب)، كذلك أصيبت بقرة بثلاث رصاصات في أماكن متفرقة من جسدها، ولكنهم قالوا إن حالتها ليست ولله الحمد خطيرة. واستمر الوضع بين (كرّ وفرّ)، إلى أن تدخلت الشرطة وتحفظت على (الشبشب) وأودعته في خزانة آمنة، إلى أن يفصل بالقضية، وأحلى ما في الموضوع أن الجريدة وضعت على رأس الخبر صورة الشبشب (الزنوبة).

[email protected]