لماذا أراد أردوغان مقابلة بارزاني عاجلا؟

TT

كان مسعود بارزاني يعتزم التوجه إلى تركيا من أجل إجراء محادثات مع صناع القرار في تركيا بعد عيد الأضحى، عندما عاد ابن أخيه وكبير مساعديه، نيجيرفان بارزاني، من أنقرة بعد محادثات مطولة ومفصلة مع الأتراك، حول كيفية تعزيز التعاون في مكافحة الهجمات الإرهابية التي يشنها حزب العمال الكردستاني من المناطق الكردية الحدودية في العراق، قرر مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان، أن يكسب بعض الوقت.

كان الأتراك يضغطون بقوة، خاصة بعد الهجوم الأخير من قبل حزب العمال الكردستاني في 19 أكتوبر (تشرين الأول) الذي أسفر عن مقتل 24 جنديا تركيا، وشن الجيش التركي على الفور هجوما جويا على قواعد حزب العمال الكردستاني، وبدأ عمليات برية عبر الحدود وكلت بها القوات الخاصة ووحدات المدفعية. كان هذا في إطار عملية مطاردة سريعة، وسرعان ما تم سحب القوات، لكن في هذه الأثناء كانت القوات العسكرية التركية تكمل استعدادها على طول الحدود.

وذكرت مصادر موثوق فيها لصحيفة «حرييت ديلي نيوز» أن طلب حكومة إقليم كردستان بعدم اللجوء إلى عملية عسكرية شاملة إلا بعد استنفاد كل الخيارات، حجم الجيش التركي. وكان هذا هو السبب وراء رغبة رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، في مقابلة بارزاني شخصيا ليحصل على وعد منه بتقديم المزيد من التعاون، في الوقت الذي يطلق فيه وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، تصريحات حول إمكانية دخول الجيش التركي للعراق من أجل إنهاء المهمة، في حال لم يساعد الأكراد العراقيون في مقاومة إرهاب حزب العمال الكردستاني. مع ذلك عندما قال بارزاني إنه يعتزم السفر إلى تركيا عقب عيد الأضحى أي بعد 9 نوفمبر (تشرين الثاني)، بعث أردوغان رسالة يخبره أنه يفضل عقد هذا اللقاء في أسرع وقت ممكن، وهو عقب عودة أردوغان من زيارته إلى ألمانيا وقمة العشرين في فرنسا. وأدرك بارزاني، كسياسي مخضرم، الأمر ووافق، ووصل إلى تركيا قبل يوم من الموعد ليقابل شخصيتين قياديتين في إسطنبول قبل مقابلة أردوغان، وهما الرئيس عبد الله غل، ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو.

صرح بارزاني للصحافة التركية قبل إجراء محادثاته التي استغرقت الساعتين مع أردوغان يوم السبت، بأنه ضد حل المشكلة الكردية من خلال عمل عسكري من أي نوع، مما أدى إلى حالة من الإحباط في الأوساط السياسية والإعلامية التركية، وبعد مقابلته لأردوغان، كرر تقريبا ما قاله في تلك التصريحات، مع إضافة ثلاث رسائل هامة، الأولى هي اعتقاده أن الأكراد في تركيا يستطيعون المشاركة في صناعة القرار عبر الوسائل السياسية، بفضل سياسة «الانفتاح» التي تتبعها حكومة أردوغان.. الرسالة الثانية هي أنه ضد انخراط حزب العمال الكردستاني في أي صراع مسلح.. أما الرسالة الثالثة فهي استعداده للتعاون مع تركيا في كل المجالات.

يتمتع بارزاني بالخبرة الكافية التي تجعله يتفادى أن يقع بين شقي الرحى المتمثلين في إيران من جهة، وعرب العراق شيعة وسنة، خاصة بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق، ويمكنه الاعتماد على تركيا والاستفادة من علاقاتها السياسية والاقتصادية مع الغرب.

أردوغان يتوق - على ما يبدو - إلى اتخاذ خطوات على الصعيد السياسي والعسكري قبل الشروع في عملية صياغة دستور جديد عبر البرلمان؛ أملا في الوصول إلى أساس يقوم عليه حل القضية الكردية. ونستنتج من ذلك أنه بعد اجتماع إسطنبول، وبعد هذه الرسائل التي تضمنتها تصريحات بارزاني، يمكن توقع بذل الكثير من الجهود الدبلوماسية لمعالجة القضية الكردية، التي ربما ينخرط فيها بارزاني، خلف الأبواب المغلقة خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية