خائف على سوريا!

TT

عندي حالة ذعر حقيقية حول مستقبل سوريا!

دون أن أدخل في لعبة «مع» أو «ضد» أو مدرسة أن «تكره» أو «تحب» التي تسيطر على النخب في العالم العربي، أحاول اليوم، قدر الاستطاعة، أن أطرح مقدمات مستقاة من حقائق يمكن أن تشير إلى اتجاه بوصلة المستقبل القريب.

سوريا من الدول التاريخية التي فرضت عليها الجغرافيا السياسية تاريخها الماضي والحاضر والمقبل.

مساحة سوريا قرابة 185 ألف كلم مربع، ولديها حدود مشتركة مجموعها 2253 كلم، أطولها مع تركيا 822 كلم والعراق 605 كلم والأردن 375 كلم ولبنان 375 كلم، وأقل حدود هي مع إسرائيل وتبلغ 75 كلم.

هذه الحدود فرضت طبيعة علاقات وتوترات، وشبكة تدخلات وتداخلات شديدة التعقيد.

والتركيبة السكانية لسوريا لا تقل تعقيدا عن علاقات الجوار، فمن ضمن 23 مليون سوري تبلغ نسبة المسلمين السنة منهم 74%، بينما يبلغ تعداد الدروز والعلويين مجتمعين 16%، والـ10% الباقية من المسيحيين التابعين لطوائف متعددة.

وتؤكد تقارير المعارضة السورية أن تعداد الطائفة العلوية 5%.

أكثر من 90% من السكان من ذوي الأصول العربية، أما الـ10% الباقية فمن أصول كردية وأرمنية.

وعلاقة سوريا مع كل جيرانها تمر بمرحلة شكوك وملفات أمنية معقدة.

سوريا متهمة بتحريض المقاومة العراقية وتهريبهم عبر الحدود، ولديها علاقات كردية متوترة مع تركيا كادت تؤدي إلى حرب بينهما. أما الأردن فدمشق تتهمه بتدريب وتدعيم المعارضة العسكرية الحالية. أما الوضع بالنسبة للبنان فالنظام يتهم التيارات الإسلامية في طرابلس بدعم من يسميهم المخربين بالسلاح. أما إسرائيل فما زال هناك خلاف بين الموساد والاستخبارات العسكرية حول الموقف من الثورة الحالية.

الحلف الحديدي بين إيران وحزب الله وقيادة حماس المتواجدة في دمشق يجعل هذه القوى تشعر بقلق متعاظم من أي ضرر يمكن أن يؤدي إلى سقوط نظام الرئيس بشار.

إذن الملف السوري ليس ملفا داخليا يخص سوريا وحدها، لكنه قنبلة إقليمية ذات شظايا متباعدة من الممكن أن تغطي المنطقة كلها.

وأستطيع أن أجزم أن الغباء السياسي المستمر للسياسة الأميركية تجاه المنطقة ككل، وتجاه سوريا على وجه الخصوص، قد يساهم في تأجيل الإصلاحات، أو تأجيل إسقاط النظام.

إن مرحلة اللاإسقاط للنظام، وحالة اللاإصلاحات سوف تدفع بسوريا - لا قدر الله - إلى حرب أهلية تغري الكثير من القوى الحمقاء في المنطقة والعالم بانفجار لا حدود له.

وليحفظ الله شعب سوريا.