سلمان الدفاع

TT

يذكر المؤلف والدبلوماسي السعودي فهد المارك الراحل سنة 1398هـ في كتابه الشهير «من شيم العرب»، هذا الموقف المعبر.

يقول متحدثا عن ظروف نشره لصورة نادرة للملك عبد العزيز وهو على صهوة حصانه: «لما كانت هذه الصورة مفقودة وهي الوحيدة من نوعها، فقد بذلت أقصى ما لدي من الجهد للحصول عليها، وما إن علم الأمير سلمان بحرصي عليها حتى بعثها لي فجاءت والكتاب في نهاية طبعه، وإنني إذ أشكر الأمير سلمان بن عبد العزيز لا على ذلك فحسب، بل أشكره على جميله المعنوي الذي أسداه إلي، وذلك أنه في يوم من الأيام التي شعر فيها بأن الجو مسموم نحوي بسبب محترفي الوشاية، في تلك الفترة أدرك سلمان أنني أعاني أزمة شديدة، فما كان من شهامته إلا أن خلا بي في منزله في الرياض، وقال: (كن مطمئنا أنه في اليوم الذي يعضك الدهر بنابه فإنك ستجد أخا لك اسمه سلمان)، ثم استدرك قائلا: (عليك أن تثق بأنني أقول هذه الكلمة، وأقف دونها)».

ثم يعقب المؤلف على هذا الموقف الشخصي: «وعلى كل، فإن من يكون له أب كعبد العزيز لا يستغرب منه ذلك وإنما يستغرب منه العكس». ويزيد في الحاشية: «سلمان هو أحد أنجال الملك عبد العزيز آل سعود، كما أنه من أشبه أنجاله به خلقا وخلقة» (كتاب «من شيم العرب»، ج3، ص773). هذه القصة تلخص بشكل مكثف ورمزي العديد من «شيم» الأمير سلمان بن عبد العزيز، الذي اختاره قائد البلاد الملك عبد الله بن عبد العزيز وزيرا للدفاع، خلفا لشقيقه الراحل الأمير سلطان. وكان الاختيار المناسب في الوقت المناسب، وبرهانا إضافيا على صفاء نظرة الملك عبد الله.

الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير الرياض لفترة شكلت مرحلة تاريخية كبرى من مسيرة البلاد، من مجتمع المدينة الصغيرة والعدد البسيط من البشر إلى ما نراه اليوم من مدن هائلة الحجم والسكان.. والتحديات طبعا. إنها مرحلة العبور من زمان إلى زمان، بكل تحولاته.

سلمان بن عبد العزيز، يقظ الذهن، متابع لشؤون الناس، صديق للمثقفين، معين على نوائب الدهر، رجل الوفاء، عاشق التاريخ، حارس الذاكرة، نهم في العمل، لا تستخفه الشائعات، ولا يستعجل الحكم.

هذه الصفات تجدها ملخصة بكثافة، في قصة فهد المارك السالفة، والتي مضى عليها عقود من الزمن، لم يتغير فيها سلمان عن هذا الطريق، وكان كما عهده السعوديون حتى رحلة وفائه الشهيرة مع شقيقه الراحل سلطان.

لذلك فقد كان اختياره لدفة الدفاع عن البلد، اختيارا لرجل قيادي من الطراز السعودي الخاص. فهو القائد المدافع دوما عن السعودية، حاضرا وماضيا وتاريخا ومستقبلا، إنسانا وبنيانا.

لقد أطلق الملك عبد الله فعلا دفعة حياة جديدة في جسد الدولة السعودية.

[email protected]