الأحصنة خلف العربة

TT

أحيانا أجبر نفسي على الخوض في وحول السياسة، وكأنني أجرها بالسلاسل.

وفي يوم الثلاثاء الماضي قرأت موضوعا للأستاذ سمير عطا الله يتحدث فيه عن (المدعوة) لميس جابر، التي لفتت نظره إعجابا مثلما لفتت نظري قبله لصدقها وصراحتها، وهو يقول:

منذ نجاح الإطاحة بالرئيس مبارك ورجاله، تحولت الشاشات المصرية إلى أسواق جمعة تلقى فيها الخطب عن دور المتحدثين في توقع الثورة وفي إنجاحها وكم هم حريصون على سلامتها. لا. لميس جابر تحدثت عن مصر، وعن وقائع مصر. وأهم ما قالت إن ثمة عادة في مصر هي إلغاء ما سبق. عبد الناصر ألغى فاروق والسادات ألغى عبد الناصر ومبارك ألغى السادات، والآن يريدون إلغاء الجميع. يعني إلغاء 60 عاما من تاريخ مصر، كأن لا حسنات ولا إنجازات ولا شيء فيها.

وبنفس اليوم وبنفس التاريخ قرأت مقالا في صحيفة أخرى للكاتب المصري المعروف (شريف قنديل) في عموده (إضاءة) تحت عنوان: (اعترافات كاره لمصر الجديدة).

وسوف أجتزئ منه بعض السطور بتصرف، وهو يقول:

الحمد لله، الخير كثير، انتهت فتنة كنيسة القديسيْن، فجاءت فتنة ماسبيرو.

صنعنا الآن فتنة ما بين مفتي مصر وعالم من مصر، وفتنة ما بين ضباط الشرطة وأمناء الشرطة، وفتنة بين تلفزيون مصر، وبين الإعلاميين في مصر.. بين المحامين وبعضهم، والقضاة وبعضهم، والصحافيين وبعضهم، والثوار وبعضهم، والأحرار وبعضهم، وأفراد أسر الشهداء وبعضهم، والإسلاميين وبعضهم، والليبراليين وبعضهم!

الخير كثير! السياحة في النازل، والصناعة في النازل، والرياضة في النازل، والاقتصاد كله في النازل، والإعلام في النازل، والمهم والأهم أن المعنويات في النازل؛ لحين إتمام الانتخابات البرلمانية، والرئاسية - إذا تمت - بحيث نجعل شعارهم الدائم (يا فرحة ما تمت)! - انتهى كلام قنديل.

إن كل محب لمصر يقف مذهولا من هذا (الحراك) غير المعقول الذي يجري في الساحات وعلى كل الأصعدة، وأصبح (ركوب الموجات) هو الفرصة أو (الموضة) لكل من هب ودب.

ومصر بتاريخها وإرثها تستحق أفضل من ذلك بكثير.

هناك أحصنة كثيرة تتنافس، وكل واحد منها يريد أن يجر العربة، ولكنهم جميعا نسوا أنهم بطريقتهم العشوائية هذه، إنما هم يقفون خلف العربة لا أمامها، وهذه هي الكارثة.

[email protected]