الشاطر حسن نصر الله لم يعد شاطرا

TT

بكل المقاييس، كان القذافي أقل قذارة في تهديداته في أيامه الأخيرة من تهديدات حسن نصر الله السبت الماضي؛ فالقذافي توعد بنقل الحرب إلى عمق دول حلف الناتو، وهذا منطقي؛ لأنها هي التي دكته وقوضت نظام حكمه بتقنيتها المرعبة، فكان طبيعيا أن يهدد من اعتدى عليه.. أما الشاطر حسن فأراد أن «يورينا شطارته»، فتوعد وأزبد وأرعد وقال إن أي حرب على سوريا ستتدحرج، ليس على دول حلف الناتو، التي يملك فيها بالتأكيد خلايا نائمة ومستيقظة، وإنما على المنطقة كلها، وهذا التصريح يفتقد إلى «عفرتة» حسن نصر الله السياسية المعهودة؛ حيث لم يهدد كعادته بإمطار إسرائيل بنيران صواريخه لو تعرضت إحدى حليفتيه، سوريا وإيران، لأي هجوم من حلف الناتو، ولو فعل لانساقت جماهير غفيرة وراءه كما انساقت مع صدام حين هدد إسرائيل بصواريخه التنكية، وكما صفقت لنصر الله حين خاض حربا مكشوفة مع إسرائيل، معتمدا في تسويق نفسه على ثعلبيته السياسية وبلاغة خطاباته.

الثعلبية السياسية اختفت في تصريح «الشاطر حسن» الأخير، وذلك بعد أن حمي وطيس الثورة السورية التي باتت تهدد نظام بشار الذي يمثل شريان بقائه السياسي والعسكري، هذا التصريح الخطير كشف أيضا عن «النفس الطائفي» عند رئيس الحزب الإلهي، فمن الدول العربية الـ22 لم تنتفض غيرته إلا على نظامين على ملته ومذهبه، الإيراني والسوري، وهذا من حقه، لكن ما ليس من حقه أن يهدد دول المنطقة بدحرجة الحرب عليها، وهي التي لم تهدده بحرب، بل تحاول جاهدة أن توجد لحليفه بشار مخرجا يحفظ ماء وجهه الذي تلطخ بدماء آلاف السوريين الطاهرة البريئة.

لقد كنا في الماضي نتحرج من الخوض في أي موضوع يتعلق بالشأن الطائفي؛ لأننا ندرك حساسيته وخطورته، لكن الرئيس بشار وحليفه حسن نصر الله ووراءهما إيران لم يدعوا لنا مجالا غير الخوض في هذا الموضوع الشائك وبكل شفافية، فحين نتحدث عن طائفية هذين النظامين فإن كلامنا ليس مجرد دعوى، وإلا فما معنى أن يدحرج «الشاطر حسن» كرة الحرب إلى المنطقة لو تعرضت سوريا لأي هجوم وهم لم يهددوه؟ الذي هدده بالهجوم دول حلف الناتو، نحن لا نفهم من هذا التصريح الطائفي الوقح إلا التهديد بتحريك خلاياهم الشيعية في المنطقة، وأكرر: خلاياهم وليس الشيعة. فأنا أدرك أن غالبية الشيعة في كل دول المنطقة مواطنون محبون لأوطانهم ولا يرغبون أن يكونوا أداة في حرب طائفية قذرة.

بدأت الحديث بمقارنة بين القذافي وحسن نصر الله وأختم بها، فالمؤكد أن الجماهير العربية صارت تنظر إلى حسن نصر الله، بعد مواقفه المخزية من المذابح التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه وبعد تصريحاته الأخيرة المكتنزة بالزعرنة والشبحنة، على أنه «قذافي معمم»، وبالتأكيد فثمة صفة مشتركة تجمع بين بشار وحليفه حسن نصر الله والقذافي غير صفة الاستبداد والبطش وسفك الدم، لاحظناها في خطاب حسن نصر الله الأخير وهي الإصابة بالعمى السياسي وفقدان البوصلة المنطقية، ونحن نتفهم تخبط الشاطر بعد أن ضاقت أنشوطة الشعب السوري على نظام بشار، ومعروف أن الأم الحامل إذا اختنقت اختنق جنينها، قصارى ما نقوله عن «الشاطر حسن»: إنه لم يعد شاطرا، وإن الجماهير العربية بعد مواقفه المخزية من مجازر النظام السوري باتت تشمت به وبتصريحاته.

[email protected]