ما أروع الخاطبة (عزة)

TT

الإنسان هو الإنسان، والزمان هو الزمان، والمكان هو المكان، منذ أن خلق الله البسيطة حتى الآن، إذن ماذا تغير؟! الذي تغير شيئان: العقل والوسائل، أما العواطف فظلت كما هي وستظل كذلك إلى أن يمحق الله الأرض ومن عليها، خذوا هذه الحكمة (الخنفشارية) من فم إنسان شبه مجنون، وإذا لم تريدوا فعنكم ما أردتوا، وأنا مالي (!!).

وبالأمس القريب أتاني شاب بمقتبل العمر متحمس للزواج ويريد أن يأخذ رأيي بامرأة (خاطبة) لها موقع في (الإنترنت) ووظيفتها هي أنها تجمع (الرؤوس بالحلال)، حيث إن لديها (لستة) بالأسماء والصور والمزايا لبنات مختلفات الأشكال والألوان والأجناس وبعدها - (طب يا حلو وتخيّر) - ألم أقل لكم إن (الوسائل) هي التي تغيرت؟! المهم أنني أخذت منه (إيميلها) ولم أتصل بها بعد.

الشاهد أن ذلك الشاب الغر العبيط الذي يريد أن يدخل بطواعية إلى نار جهنم بأقدامه ذكرني بالخاطبة العتيدة التي يقال لها (عزة) في القرن الأول الهجري، حيث لا (إنترنت) ولا ما يحزنون، وذلك عندما أتاها مصعب بن الزبير، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وسعيد بن العاص.. والثلاثة مثلما هو معروف من أحفاد الخلفاء والصحابة، وطلبوا من عزة رأيها فيمن خطبوهن: عائشة بنت طلحة لمصعب، وأم القاسم بنت زكريا لابن أبي بكر، وعائشة بنت عثمان لابن العاص.

وبما أن الخاطبة عزة امرأة (مدردحة وملو هدومها) وفوق ذلك هي صريحة وصادقة، فقد قالت لمصعب أولا:

«يا بن الزبير أما عائشة فلا والله ما رأيت مثلها مقبلة مدبرة، محطوطة المتنين، عظيمة العجيزة، ممتلئة الترائب، نقية الثغر وصفحة الوجه، فرعاء الشعر، لفاء الفخذين، ممتلئة الصدر، خميصة البطن، ضخمة السرة، مسرولة الساقين، يرتج ما بين أعلاها إلى قدميها ارتجاجا عظيما، ثم أردفت ناقدة: ولكن فيها عيبان، أما أحدهما فكبيرة الأذن ويواريها الخمار، وأما الآخر فهي كذلك كبيرة القدم ويواريه الخف، فهل لا بأس عليك أن تتزوج امرأة لها أذن حمارة وخف ناقة؟!

ثم التفتت إلى ابن الصديق لتقرر أن أم القاسم: ما رأيت لها من مثيل، كأنها خوط بان يتثنى، ولو شاءت أن تعقد أطرافها لفعلت!! ولكنها ضيقة الصدر وأنت عريض الصدر، فإذا كان ذلك قبيحا، لا يعود الآن كذلك إذا ما ملأ كل شيء مثله، ولكن أخشى ما أخشاه عليها منك أنك سوف تحطمها من ثقلك وكبر بطنك، وأخشى ما أخشاه عليك منها، أنها سوف تموت في فراشك (مسلولة) من شدة مرضها وسعالها.

ثم قالت لسعيد بن العاص: وأما أنت يا ابن العاص فإني والله ما رأيت مثل خلق عائشة بنت عثمان لامرأة قط، ليس فيها عيب! والله لكأنما أفرغت إفراغا، ولكن في الوجه منها قباحة يصدك عنها، وإن استشرتني أشرت عليك أن تبحث عن وجه تستأنس له، لا وجه (نسناس) يفجعك كل ليلة، فاهرب (فديتك)، انفد بجلدك تربت يمينك».

وصدقوني إنني بعد أن قرأت صراحة وصدق عزة ارتفعت بعيني إلى مصاف النجوم.

فهكذا هن الخاطبات وإلا بلاش.

[email protected]