خيانة المثقف العربي!

TT

أكبر خيانة تعرض لها المواطن العربي هي من طبقة ما يعرف بالنخبة المثقفة!

منذ علاقة شعراء السلطان، الذين يبيعون ضمائرهم بكيس من الذهب، إلى الطامحين إلى مقاعد السلطة اليوم بأي ثمن، والجريمة مستمرة!

تلك النخب هي التي حولت الانقلابات إلى ثورات، والهزائم إلى نكسات، واستبداد آيات الله على أنه قمة العمل الثوري الإسلامي، وأطلقت على المفسدين لقب رجال أعمال، وعلى الحاكم المستبد الطاغية لقب «الزعيم البطل الملهم».

هؤلاء الذين أطلقوا على الانتخابات المزورة أنها أنزه انتخابات في التاريخ والذين وصفوا سجون الطاغية بأنها نموذج يحتذى به سوف يتم تدريسه في سجون فنلندا والسويد، لن يرحمهم التاريخ.

وأستطيع أن أجزم أن ملايين من البسطاء الذين لم يحصلوا على شهادات الدكتوراه من هارفارد أو السوربون لديهم من الفطنة والذكاء الفطري ما يمكن أن يساعدهم على معرفة الحاكم المستبد ومعرفة الحاكم الصالح الرشيد والتمييز الدقيق بينهما.

لقد أثبت الكثير من الثورات الأخيرة أن وعي الناس البسطاء أكثر عمقا وصدقا من طبقة الذين حاولوا تبرير وتفسير وتزوير خطايا بعض الأنظمة المستبدة.

إننا في عصر الانفجار الإعلامي الذي تتولد منه آلاف الأخبار والمعلومات والصور كل دقيقة.

لم يعد مصدرنا الإخباري هو قنوات التلفزيون الرسمي أو جريدة الدولة أو نشرة الأخبار الرسمية.

لم تعد شعوبنا تعرف - فقط - اللغة العربية، بل أصبح شبابنا يجيد أكثر من لغة أجنبية إجادة تامة.

شاشة الكومبيوتر وشاشة الهاتف المحمول وشاشة التلفزيون أصبحت مصدرا لحظيا يوفر للإنسان أينما كان وأينما ذهب الخبر والمعلومة والشائعة وإمكانية التواصل اللحظي.

لا شيء قابل للحذف أو الرقابة أو المنع في هذا الزمان، وبالتالي فإن لعبة احتكار المعرفة والأسرار والتحليلات الخاصة انتهت وانتهى زمانها.

لقد خان المثقف العربي شعبه ثلاث مرات: الأولى عند تفسيره لهزيمة 1967، والثانية عند دفاعه عن الاستبداد، والأخيرة - اليوم - عند نفاقه الجماهير!