مؤيدان وممتنع

TT

الجانب الأوضح في مؤامرة الجامعة العربية ضد سوريا، أنها لم تلق مناصرا سوى اليمن أو ورقة بيضاء سوى نوري المالكي. المضي في الإنكار إلى هذه الدرجة لا يمكن أن يفيد دمشق بأي شكل، أو في أي مكان. أما الدعم اللبناني فكان بالتأكيد أقل معنى بكثير من دعم اليمن. لم يكن أحد يتوقع موقفا آخر من بيروت، حتى لو كان سعد الحريري لا يزال على رأس الحكومة. ففي إمكان «14 آذار» أن تتخذ موقفا معاديا لدمشق إذا كانت في المعارضة وليس في الحكم. أو بالأحرى في الحكومة.

المؤسف جدا أن دمشق تحاول منذ سبعة أشهر معالجة الحروق في غير مكانها. وتحاول دائما أن توحي بأنها ضحية مؤامرة عالمية كبرى، مع أن حتى أطفال العرب يعرفون مدى أهمية الاستقرار السوري على العرب والعالم. لم تقبل دمشق أن تصدق بأن ما جرى في العالم العربي من طلب للحرية والمساواة ومحاربة الفساد، يمكن أن يمر بها أيضا. ولا تزال إلى الآن ترى المسألة قضية عصابات مسلحة، مع أن عدد الضحايا تجاوز المستوى الوطني.

ما يجري في سوريا مطلب عادي مر بمصر والمغرب والجزائر والأردن واليمن والبحرين وتونس وإيران وفلسطين من قبل. وكان في إمكان دمشق أن تتلقف المسألة في أيامها الأولى بكل بساطة، مدركة أن 50 عاما الماضية لا يمكن أن تستمر 50 عاما أخرى. لكنها اختارت أن تشيح بنظرها عن حقائق التاريخ. وأن تصدق الخداع لا الحقيقة. وأن تترك المطالب البديهية تتحول إلى صراع دموي يهدد سوريا كما يهدد المنطقة. لكن، ما هي فائدة دمشق، إذا تهاوت المنطقة أيضا؟ وما نفع المضي في المكابرة، فيما الفجوة تزداد اتساعا وهوة وتداعيات، بين النظام والمعارضة، والآن بين النظام و18 دولة عربية، بينها مصر والسعودية والمغرب والجزائر وتونس والأردن وعمان، ناهيك بالدول «الصغيرة» التي تسخر منها. ألا يستحق قرار الجامعة وقفة تأمل: جميع دول أوروبا، والولايات المتحدة، والأكثرية الساحقة من الدول العربية، وأفريقيا وآسيا، تدعو سوريا إلى الحوار مع أبنائها. وكذلك الصين وروسيا. فيما تصر دمشق على أن كل ما في المسألة مؤامرة؟ ألا تعتقد دمشق أن المسألة تتطلب إعادة نظر سريعة، عندما لا تجد إلى جانبها سوى لبنان وشريك وحدة الحال اليمني؟ هل هذا ما كان عليه وضع سوريا قبل سبعة أشهر، عندما كان جميع معارضي اليوم أصدقاء للأمس؟