من هواجس ما بعد الثورة

TT

فتاوى تحرم التصويت لمن لا يتبنى الشريعة مصدرا للدستور..

قبول بترشيح النساء على لوائح بعض الأحزاب السلفية على مضض بوصف ذلك «مفسدة يمكن تحملها»..

وضع صور أزواج مرشحات على ملصقات الدعاية الانتخابية بدلا من المرشحات أنفسهن..

استمرار اعتقال المدون المصري الأشهر علاء عبد الفتاح ووالدته بدأت إضرابا عن الطعام..

مدونة مصرية شابة، علياء، تنشر صورا جريئة لها تحديا لتصاعد نفوذ المد الديني في مصر.

لا شك أن اختياري لهذا الغيض من فيض الأخبار الواردة من مصر فيه انتقائية ليس من الصعب تبريرها. إنها أخبار من ذلك النوع الذي يظهر حجم التحدي الذي على مصر ومجتمعات الثورات السابقة واللاحقة أن تختبره حول مآل هذه الثورات، وما إذا كانت ستسقط في براثن الإسلاميين وقبضة العسكر مرة أخرى أم ستتمكن التيارات المدنية العلمانية من تثبيت موقعها الذي فرضته بعد تصدرها للمنتفضين ضد الأنظمة..

وما الواقع الإعلامي سوى مرآة عاكسة لتلك التجاذبات..

يجزم محللون كثر أن الإسلاميين سيتصدرون حقبة ما بعد الثورات، حتى ولو كان في ذلك شيء من الصحة فهو واقع مستمد من نفوذ رسخه حظوة تلك التيارات بدعم السلطة والجيش ومباركتهما خلال العقود الماضية، حتى في مرحلة الصدام مع التيارات الجهادية كانت السلطة التي فشلت في تأمين حياة كريمة وحرة للمصريين تغض الطرف عن التدين الشعبوي وتساهم في نشره لتحتكر وحدها السياسة، وهكذا تكاثرت أفكار وممارسات موغلة في الجهل.

اليوم، يجادل بعض الإسلاميين بأن الإعلام في مصر غالبا ما يسيطر عليه العلمانيون والليبراليون وأن الإسلاميين يجاهدون لإيصال أصواتهم. وهنا لا بد من السؤال: هل شهد الإعلام الإسلامي من فضائيات ودعاة وندوات وصحف وثقافة رقيبة على النتاجات الأدبية والفنية ازدهارا كما شهد في حقبة ما قبل الثورات؟ ألم يجر ذلك بدعم ومباركة من السلطات التي كانت قائمة قبل الثورة؟ اليوم من حق أي تيار سواء أكان إسلاميا أم ليبراليا وعلمانيا أن يجد مساحة له، وليس من قبيل الصدفة أن المدونين المصريين الذين كان لهم إنجازات تاريخية في حقبة ما قبل الثورة قد توجوا نشاطهم بحراكهم البديع في 25 يناير (كانون الثاني).

كانت تلك آلية تعبير ابتدعوها وتمكنوا من فرضها على الجميع.

قيد الاعتقال في مصر حاليا مدون مصري وصفه البعض بأنه من الشباب الذين بثوا الروح في ثورة يناير. يسجن وائل عبد الفتاح من قبل سلطة سبق أن قتل في أقبيتها مدون شاب هو خالد سعيد الذي اعتبر أيقونة في حين يتهدد السجن صحافيين ومدونين آخرين دأبوا على نقد سلطة الجيش وتماديه في ممارسات أمنية قمعية بحق الإعلام والصحافة وبحق ناشطين.

هؤلاء لا يتعرضون فقط لعسف العسكر، بل تشن عليهم حملات ضارية فيقول أحدهم مثلا في أحد التعليقات على الـ«فيس بوك» في معرض تهجمه على وائل عبد الفتاح بأنه «شيوعي إبن شيوعيين».

إن ما أنجزته الثورات من جرأة على مواجهة الاستبداد سواء أكان عسكريا أم دينيا سيبقى امتحانا أول تليه اختبارات كثيرة أخرى.

لكن أليس بهذا التحدي يقاس النجاح؟

diana@ asharqalawsat.com