لماذا تتحقق أمنياتك عند استقالتك؟!

TT

يحكى أن موظفا حديث التخرج سأل مديره: ما معنى «تقييم الأداء السنوي»؟ فقال له مديره «هل تعرف ما هي الاستقالة؟» فأجاب المتدرب ببراءة وعفوية «نعم». فرد المدير قائلا: إذن دعني أشرح لك الفارق بينهما بإجراء عملية مقارنة سريعة، ومضى المدير يقول:

• عندما يكون هناك اجتماع في نهاية العام لتقييم أداء الموظفين فسوف تجد الناس فيه تتحدث عن مساوئك ونقاط ضعفك، وأخطائك طوال العام، أما في اجتماع الاستقالة فإن الناس تتحدث عن محاسنك ومنجزاتك ونجاحاتك السابقة.

• وفي اجتماع تقيم الأداء ربما تضطر إلى التوسل إلى مديرك بأن يمنحك زيادة في الراتب ولو بنسبة 10%، أما في اجتماع الاستقالة فإنك تحصل، وبسهولة أحيانا، على زيادة في الراتب، وربما تنال ما يفوق تلك النسبة بكثير من دون أن تطلبها!

• في اجتماع تقييم الأداء قد يتم رفض مطالبك بالترقية بحجة أن أدائك صار دون مستوى توقعات الإدارة، أو أنك لا تمتلك المهارات القيادية اللازمة أو تعاني من بعض النقاط السلبية التي تحول دون بلوغك مبتغاك بالترقية. أما عند استقالتك فستسمع كلاما معسولا كأن يقال بأنك عضو فعال في هذه المؤسسة و«لن نفرط فيك» وربما تعرض عليك مسؤوليات إدارية أكبر.

• غير أن هناك احتمالا كبيرا في أنك لن تحصل على شيء يذكر من المزايا الوظيفية التي طلبتها بعد انتهاء مرحلة التقييم! ولكن على الجانب الآخر فهناك احتمال كبير أيضا في أن تمنح ترقية فورية فور تقديمك الاستقالة!

تذكرت هذه القصة الرمزية، التي ترجمتها بتصرف، حينما كنت استمعت إلى أحد الأصدقاء الذي كان مندهشا من أن الإدارة العليا التي لم تدرك قيمته الحقيقية إلا حينما لوح لهم بتقديم الاستقالة. فانهالت عليه العروض المادية المغرية، والعبارات المنمقة، وذلك حينما أدركت الإدارة جديته في ترك عمله.

قصة هذا الشخص تعكس واقع أليم يعيشه آلاف الموظفين المبدعين في عالمنا العربي الذين يحرصون على تأدية أعمالهم على الوجه الأكمل إما لحبهم لعملهم أو لحرصهم على أن «يحللوا لقمة العيش» غير أنهم للأسف الشديد لا يلقون، في المقابل، التقدير المادي والمعنوي المستحق، فيتسرب الكفاءات من الإدارات، وهنا تستيقظ الإدارة إلى أنها لم تعط كل ذي حق حقه. ومع اقترابنا من موعد تقييم الأداء السنوي، في نهاية العام سوف يتذكر البعض حجم المعاناة التي يعيشها زملائه العرب في أماكن عديدة من هذا العالم العربي.

* كاتب متخصص في الإدارة