جائزة الغباء السياسي!

TT

دفعت الولايات المتحدة الأميركية ثمنا باهظا للغاية في غزوها واحتلالها للعراق. قيمة فاتورة الغزو ثلاثة تريليونات دولار أميركي و4 آلاف قتيل وأكثر من 30 ألف مصاب نفسيا وبدنيا. واليوم وبينما القوات الأميركية تستعد للانسحاب، فإن حساب الخسائر والأرباح لا بد أن يطرح علنا على الجميع.

دفعت واشنطن ما دفعت وخسرت ما خسرت، ولكن ماذا ربحت؟ ربحت الخلاص من حكم صدام حسين، لكنها سلمت العراق على «صينية» من ذهب لطهران! تخلصت من صدام المعادي لإيران، وجاءت بالمالكي المناصر لطهران؟!

وبمنطق «البيزنس» الذي يعشق الأميركان استخدامه في تقييم أي قرار أو تحليل نتائج أي سياسة، نسأل: هل كان «المشروع العراقي» الذي تبنته إدارة جورج دبليو بوش و«تخارجت» منه إدارة أوباما - مربحا أم خاسرا للمصالح الأميركية؟

واليوم، حينما تتحدث الولايات المتحدة عن تشديد عقوبات على إيران، وحينما تدق طبول الحرب الإسرائيلية ملوحة بضربة استباقية إسرائيلية لإيران، نسأل: هل هذا يصبح له أي معنى في ظل انسحاب أميركي من العراق وفي ظل حكومة عراقية موالية لإيران؟

وإذا كانت هناك ضربة إسرائيلية يتم إعدادها، فإن هناك مجموعة من العوامل لا تخفى على مبتدئ في علم السياسة:

1) ما هو هدف الضربة؟

هل هو تدمير القدرات العسكرية الإيرانية؟.. هل هو ضرب منشآت حيوية ونفطية لإحداث ضربة اقتصادية موجعة للاقتصاد الإيراني؟

2) ما هي كفاءة الضربة إذا انتفى عنصر المفاجأة وأصبح الجانب الإيراني مستعدا لأي احتمالات؟ حتى إنه قام بعدة مناورات دفاعية وأخرى هجومية للتعامل مع عدو خارجي.

3) هل حسبت إسرائيل والولايات المتحدة ردود الفعل العسكرية الإيرانية بالذات في مجال الصواريخ طويلة المدى القادرة على الوصول إلى العراق وإسرائيل وقطر؟

4) هل تم قياس وتوقع ما هو رد فعل الحلف الحديدي بين إيران وسوريا وحزب الله وحماس وقوى الشيعة السياسية في العالمين العربي والإسلامي؟

5) وهل فكر أحد في أن الضربة الإسرائيلية العسكرية على طهران من الممكن أن تكون طوق النجاة السياسي للنظام الإيراني الداخلي لأحمدي نجاد، والنظام السوري المأزوم، وحزب الله المكبل بالقوات الدولية في الجنوب، وحماس غير المؤمنة بأي تسوية سياسية مع إسرائيل؟

في يقيني أنه إذا كانت هناك جائزة نوبل «للغباء السياسي»، فإنها يجب أن تمنح للإدارة الأميركية، التي مارست آخر تصرفاتها الحمقاء بعد «اليونيسكو»، والمستوطنات، ورفض التمثيل الفلسطيني، حينما نصحت الشعب السوري - في بيان رسمي - بعدم الاستجابة للمبادرة العربية وتسليم سلاحه؟!

هذا التصريح العبقري الفذ كان درقة النجاة التي دعمت نظام الحكم في سوريا لدى روسيا والصين، اللتين اعتبرتا التصريح الأميركي على أنه إفساد لجهود الإصلاح في سوريا!

وكما يقول أهل مصر: «فيه حد في الدنيا يعمل كده؟!».