مسألة التمثيل القبطي!

TT

ليس لدي خوف من نجاح أي قوى في أي انتخابات طالما كانت نتائج هذه الانتخابات تعبر بشكل صادق وحقيقي عن إرادة الشعب.

في الحالة المصرية، ورغم أنني لست من أنصار الفكر السياسي لجماعة الإخوان المسلمين فإنني لا أشعر بقلق حقيقي من وجودهم بقوة على ساحة المشهد السياسي المصري.

الذي يزعجني بقوة ويصيبني بالفزع ليس التمثيل الإخواني، ولكن عدم التمثيل للصوت القبطي في الحياة السياسية المصرية.

وحيث إنني من هؤلاء الذين يصرخون ليل نهار بحق المواطنة المتساوية دون التفرقة بين الدين والمذهب والطبقة والمنطقة والعائلة والحزب الذي ينتمي إليه أي إنسان، فإنني أشعر بعظيم القلق على النتائج المتوقعة للانتخابات المقبلة التي يمكن أن تؤدي إلى تمثيل هزيل للأقباط في مستقبل مصر.

تتضارب الإحصاءات حول التعداد الحقيقي للأقباط في مصر وهي تتراوح بين 7 ملايين في أدناها و12 مليونا في أقصاها.

وعلى فرضية أننا أخذنا متوسطا حسابيا لهذه الافتراضات وقلنا إن تعداد الأقباط هو نحو 10 ملايين نسمة تقريبا فنحن نتحدث عما بين 10 في المائة إلى 12 في المائة من نسبة سكان مصر.

ولم يحدث في تاريخ البلاد المعاصر أن عبرت نسبة المشاركة في مقاعد البرلمان عن هذه النسبة العددية.

يحدث ذلك في دولة اسمها مصر اكتسبت اسمها من لفظ «ايجبتوس» الذي أطلقه البطالمة على مصر نسبة إلى سكان أهل مصر من الأغلبية المسيحية الحاكمة للبلاد حتى تاريخ الفتح الإسلامي.

ومن اسم الشعب والبلد اشتق العرب قبل الإسلام اسم «قباطي» وهو نوع من النسيج فائق الجودة مصنوع في مصر والذي كانت تكسى به الكعبة قبل الإسلام.

ولم يعرف الأقباط في مصر عصورا مزدهرة في عملية التمثيل السياسي أفضل من مرحلة حكم الخديوي إسماعيل الذي حكم مصر منذ 1863 حتى عام 1878 والذي أعلن رسميا المساواة بين الأقباط والمسلمين وذلك بترشيح الأقباط لانتخابات أعضاء مجلس شورى النواب ثم تعيين قضاة أقباط في المحاكم.

وإذا كان البابا شنودة الثالث، البابا رقم 117 في تاريخ الكنيسة القبطية قد قال منذ أيام في خطاب بالكنيسة ناصحا الأقباط: «انتخبوا المسلم الذي يدافع عنكم ويمثلكم»، فإنني اليوم أدعو المسلمين أيضا في مصر لانتخاب القبطي الذي يدافع عن مصالحهم بصرف النظر عن أي اعتبار آخر.

إن مقتل مصر وضياعها كدولة تاريخية يكمن في مسألة الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط.

ومسألة التمثيل القبطي في كافة مناحي الحياة وكافة الأجهزة والإدارات الحكومية بشكل فعال هو «المضاد الحيوي» الشافي لسرطان الفتنة الطائفية.

ويجب ألا ننسى أن مركز «راند» الأميركي الشهير له دراسة عن تقسيم مصر إلى 3 دويلات: إسلامية ونوبية وقبطية!

من هنا تصبح مسألة فهم الملف القبطي قضية حياة أو موت!