الرياضيون.. ومشكلات القلب

TT

«مثيرة للاستغراب الطبي»، هذا ما يمكن به وصف دراسة الباحثين الأميركيين حول مدى جدية الأطباء في البحث والاستقصاء عن مدى الإصابة بأمراض القلب بين الرياضيين الشباب. وتتكرر القصص المحزنة والمأساوية حول رياضيين شباب لا تبدو عليهم إلا علامات الصحة والنشاط، وفجأة «يطبون ساكتين» بالموت أثناء لعبهم إحدى المباريات وأمام أنظار الآلاف من المتفرجين. والسبب هو وجود مشكلة في القلب لم يتم اكتشافها ولم يُعطَ اللاعب فرصة لتفادي تأثيراتها على سلامة حياته.

وكانت جمعية القلب الأميركية AHA قد دخلت على خط هذه المآسي بشكل جاد حينما أصدرت إرشاداتها الهادفة إلى مساعدة الأطباء والمدربين الرياضيين لاكتشاف الإصابات القلبية الخفية لدى اللاعبين الرياضيين الشباب، وذلك لوقاية هؤلاء اللاعبين من هذه الوفيات غير المبررة التي لا داعي لحصولها.

وعلى الرغم من هذا الجهد الطبي ذي الصفة العلمية والعملية، فإن نتائج دراسة الباحثين من سياتل لاحظت أن أقل من 50% من الأطباء وأقل من 6% فقط من مسؤولي الأنشطة الرياضية في المدارس الثانوية بولاية واشنطن الأميركية، هم بالفعل مدركون وجود مثل هذه الإرشادات الحيوية لإنقاذ حياة الرياضيين الشباب، مما يترك هؤلاء الرياضيين الشباب عرضة لمخاطر مهددة لسلامة أرواحهم.

الدراسة تم عرضها يوم الأحد 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، ضمن الفعاليات العلمية للقاء السنوي لجمعية القلب الأميركية الذي تم في أورلاندو بولاية فلوريدا.

وعلق الدكتور نيكولاس مادسين، الباحث الرئيسي بالدراسة وطبيب قلب الأطفال بكلية الطب التابعة لجامعة واشنطن في سياتل، بالقول: «ثمة عدم مبالاة مثيرة للاستغراب والدهشة في التعامل اللازم والمطلوب بشكل حيوي مع هذه الإرشادات».

وأفاد الباحثون أن ثمة أكثر من 7 ملايين شاب رياضي بين طلاب المرحلة الثانوية بمدارس الولايات المتحدة، وأن جمعية القلب الأميركية تؤكد أن نتائج الدراسات الطبية تحذر من أن واحدا من بين كل 30 ألفا من هؤلاء الرياضيين الشباب عرضة للموت بشكل مفاجئ، وفي كل عام، جراء ممارسة الرياضة التنافسية بسبب وجود مرض خفي في القلب. وأحد الأسباب الشائعة في مثل هذه الحالات الشبابية هو التضخم في عضلة القلب hypertrophic cardiomyopathy. كما أن هناك حالات الاضطرابات الخطرة والقاتلة في إيقاع نبض القلب fatal heart rhythm abnormalities.

وتتضمن إرشادات رابطة القلب الأميركية القيام بتسجيل إجابات حول التاريخ الطبي لثمانية عناصر والقيام بأربعة إجراءات خلال الفحص السريري، وهي كلها مفيدة للطبيب في تقييم الحالة القلبية لدى الرياضي الشاب؛ ومنها مثلا: سؤال الرياضي عن شعوره بألم في الصدر حال بذل المجهود البدني، أو حدوث حالات الدوار والدوخة أو الإغماء غير المبرر، أو وجود تاريخ عائلي للإصابة بأمراض القلب أو الوفيات المبكرة، أي قبل بلوغ الشخص الذكر سن 55 عاما والأنثى سن 65 عاما.. وأمور طبية أخرى قبل السماح للشاب بممارسة الرياضة البدنية التنافسية وكذلك بشكل أكثر تأكيدا قبل احترافه للعب في المنافسات الرياضية.

وشملت هذه الدراسة الطبية شريحة واسعة من أطباء الأطفال وأطباء الأسرة، تجاوز عددهم 1100 طبيب أميركي. إضافة إلى نحو 320 من مشرفي الأنشطة الرياضية بالمدارس الثانوية الأميركية.

وقد دفعت نتائجها المثيرة للاستغراب في إهمال الاهتمام الطبي المطلوب خلال تقييم مدى ملائمة الحالة الصحية للشاب في ممارسة الأنشطة الرياضية، الدكتور غوردون توماسيللي، رئيس جمعية القلب الأميركية للتعليق بالقول إن «الأطباء لا يسألون الأسئلة الصحيحة ولا يقومون بالفحص السريري السليم».

استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]