«حزب الكنبة»

TT

بعد أن بدأنا سويا في شرح مفردات الثورة المصرية مثل «فلول» و«أجندة» و«تورتة»، اليوم نضيف إليكم مصطلح «الكنبة».

و«الكنبة» بالعامية المصرية هي الأريكة، ويقصد بها بشكل أدق الأريكة المريحة التي يستلقي عليها الكسالى بالساعات أمام التلفاز.

وكلمة كنبة مشتقة من كلمة CANAPE الفرنسية وهي تعني أريكة من القرن الثامن عشر في فرنسا. ودرج في الثقافة المصرية الشعبية أن التكريم الكبير للأثرياء أو المتقاعدين هو الاتكاء على الأريكة، متأثرين أيضا بالثقافة الإسلامية القرآنية أن الله سبحانه وتعالى يعد الأتقياء من عباده بالفوز بالجنة «مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا» «سورة الإنسان».

بالطبع التكريم للأتقياء العاملين بأمر الله وليس الكسالى أو هؤلاء الذين يمارسون السلبية المطلقة. ومن أغنيات مسارح «روض الفرج» الشهيرة في الثلاثينات كانت المنولوجيست ثريا حلمي تغني: «وقاعدلي على كنبة وعامللي غلبة!»

إذن «المواطن الكنباوي» في مصر هو المواطن «المرحرح»، أي الشاعر بسعادة بدون داع، ومقبل على الحياة بدون مناسبة ويدير شؤون العالم على الطريقة الكنباوية.

وبعد أن تفرقت الميادين السياسية في مصر عقب ثورة 25 يناير إلى ميادين «التحرير» و«مصطفى محمود» و«العباسية»، الأول للثورة، والثاني للرئيس السابق مبارك، والثالث يؤيد المجلس العسكري، ظهر مصطلح «حزب الكنبة».

«حزب الكنبة» هو حزب من هو ليس من الوفد أو الإخوان أو الليبراليين أو الناصريين أو السلفيين أو حتى المستقلين.

«حزب الكنبة» هو من لا ينزل الشارع ولا يتصل ببرامج التوك شو، ولا يدعو لمليونية على «الفيس بوك» «الكنباوي» يتابع الأحداث في التكييف على الأريكة أمام التلفاز مرتديا البيجاما أو البنطلون فحسب متفرغا لالتهام «شقة» بطيخ أو سندوتش كبدة إسكندراني يتبعه بزجاجة مياه غازية من الحجم العائلي ثم يتجشأ بصوت عال ويشعل لفافة تبغ محلية في سعادة أسطورية!

علماء السياسة أطلقوا منذ 1752 ميلاديا على حزب الكنبة مصطلح «الأغلبية الصامتة»، وقد شاع هذا المصطلح عندما استخدمه مرشح ديمقراطي من ولاية نيويورك في مطلع القرن الماضي شاكيا من إحجام الأغلبية عن المشاركة.

والذي صك هذا المصطلح تاريخيا كان الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون في خطابه في نوفمبر 1969 يستحث فيه الأغلبية الصامتة التي بقيت في المنازل غير متظاهرة ضد حرب فيتنام.

كان هذا المصطلح يستخدم في الحياة الأميركية تعبيرا عن «صمت القبور» عند إلقاء كلمات الرثاء في المدافن.

الأغلبية الصامتة هي القوى المرجحة في أي مجتمع ديمقراطي يتم فيه تداول السلطة عبر الصندوق الانتخابي، وهي غير ملتزمة أو منتظمة تحت لواء حزب أو حركة سياسية، لذلك يسعى كل مرشح للفوز بأكبر جزء من هذه الكتلة العريضة.

دون أن تكون تحت يدي إحصاءات دقيقة، فإنه إذا كان من لهم حق التصويت في مصر يبلغون 50 مليون نسمة، فإن أكثر من ثلثي هؤلاء من حزب الكنبة.

من هنا يصبح أهم عامل في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مصر هو «حجم الكتلة المرجحة» من حزب الأغلبية الصامتة المعروف بحزب الكنبة الذين سيذهبون لصناديق الاقتراع.

لذلك كله قررت تأليف أغنية «لشعبولا» تقول:

لا تقول إخوانجي.. ولا سلافاوي أنا حافضل كده.. واحد كنباوي!