النصاب رقم (1)

TT

(فشر) الذين يقولون إن العرب قليلو ذكاء.

ولكي أثبت ذلك بالدليل القاطع، ولكي لا يتهمني أحد بأنني أحكي الكلام على عواهنه، فسوف أورد لكم مثالين، والحمد لله أن كليهما قد تناقلته وكالات الأنباء، وكتبته الصحف، مما لا يدع أي مجال للشك في حدوثهما وكتابتي عنهما.

الحادث الأول حصل في الثمانينات الميلادية في (سويسرا)، وبطله رجل لبناني يتمتع بذكاء مفرط، ذهب إلى تاجر يهودي يملك متجرا فاخرا ومشهورا لبيع المجوهرات في (زيوريخ)، وأغراه بأن يعرض عنده حجرا كبيرا من الألماس لمدة شهر، وحدد قيمته (بمليون فرنك)، وأن يحصل التاجر على (20 في المائة) من قيمة بيعه (كوسيط)، وإذا لم يبعه فهو على استعداد أن يدفع له عن كل يوم يُعرض فيه ألف فرنك. ويبدو أن التاجر اليهودي قد (ارتخت أذناه) وسال لعابه لهذا العرض الساذج، ووافق على ذلك، ولكي يثبت له اللبناني مدى جديته أخذ منه إيصالا بذلك، وأعطاه رقم (الفاكس) في الفندق الفخم الذي سوف يسكنه في (غشتاد) ليخبره فيما لو أن زبونا هناك دفع فيه هذه القيمة.

وذهب هو ليستمتع بالتزلج على الثلج، ومن هناك بدأ يدير خطته بأن أوعز لأعوانه الذين شاركوه في هذه اللعبة وهم من أصول مختلفة، بأن يأتوا المتجر بين الحين والآخر بالتتابع، وكل واحد منهم يساوم التاجر عليه بمئات الآلاف، التي بدأت بـ(400) ألف فرنك وانتهت بـ(700) ألف فرنك، وفي كل مرة كان التاجر يرسل له (فاكسا) يخبره فيه بالقيمة، ويرد عليه اللبناني بالرفض، وعندما انتهت المدة، ذهب إلى زيوريخ ودفع له (30) ألف فرنك وتسلم منه الحجر ووقعه على ذلك، لكنه قبل أن يخرج صاح به قائلا: «إن هذا ليس حجري، إنه حجر ألماس مزيف»، ورفض أن يخرج وطلب البوليس، ورفع عليه دعوى عن طريق مكتب محاماة، وعندما كشفوا على الحجر وجدوه (فالصو)، واستصاب اليهودي لأنه لم يستبدل الحجر بالفعل، وعرف أنه (أكل الطعم)، وحكمت المحكمة ضده بأن يدفع للبناني مليون فرنك، خصوصا أن (الفاكسات) التي بعثها كانت كلها تدينه، زيادة على تسلمه (30) ألف فرنك، وفوق ذلك مجادلته مع الراغبين في الشراء، وكيف أنه كان يحاول إقناعهم وإغراءهم بالشراء، مؤكدا أن قيمة الحجر الحقيقية هي أكثر من مليون فرنك، وأن شراءه فرصة لا تعوض.

وهذا الحادث إنما هو من الحوادث النادرة التي يتفوق فيها الذكاء العربي على الذكاء اليهودي.

ويقال - والعهدة على الراوي - إن ذلك الرجل اللبناني والذكي والنصاب في الوقت نفسه، ما إن تسلم شيك المليون حتى طار على وجه السرعة إلى (نيس)، ومنها إلى (موناكو)، وهناك وعلى الطاولات الخضراء (فرتك) المليون في عدة ليال حمراء، وعاد مثلما بدأ (وكأننا يا بوزيد ما غزينا).

يوم الاثنين - أي بعد (بكرة) - سوف أتحدث لكم عن رجل خليجي، وهو لا يقل عن اللبناني في موهبة الذكاء والنصب.

[email protected]